هيا بنـا نؤمن ساعة

رمضان زمن كورونا

د. سليمان الحوسني

لم ندرك رمضان من قبل كما هو هذا العام، الذي اجتاح فيه هذا الوباء الكرة الأرضية كلها، ولم يبق بلد إلا وصل إليه، وكثر عدد الأموات والمصابين، وبات الجميع في خوف وهلع إلا أصحاب الإيمان والثقة بالرحمن.

وكنا نترقب ارتفاع الوباء قبل رمضان، ولكن قدر الله أن يستمر، وتبقى المساجد مغلقة إلا المؤذنين يرفعون “الله أكبر” فيسمعه المسلمون وهم في بيوتهم لا يستطيعون الذهاب وأرواحهم وقلوبهم متعلقة بأشرف البقاع، أما الذي كان هاجرًا للمسجد سابقًا؛ فأتوقع أنه يتألم أكثر ويتمنى أن يلحق بالركب.

كانت المساجد في رمضان تمتلئ بالمصلين رجالًا ونساء، صغارًا وكبارًا، وهي اليوم خالية، إنه أمر يدعو إلى التأمل والتدبر والتفكر، وسؤال الله السلامة والعافية والنجاة من الحرمان.

ومع ذلك يبقى مع كل محنة منحة، وما قدره الله كله خير، والله أرحم بعباده من العباد بأنفسهم، فالطبيب يضطر إلى إجراء بعض العمليات لبعض المرضى، وقد تكون العملية خطيرة ومؤلمة ولكنه لا بد منها، وهي لصالح المريض ومن أجل شفائه.

وكذلك الإنسان قد يبتليه خالقه بأمر لا يحبه ولا يرغب فيه ويخاف منه ولكن فيه منافع ومصالح يعلمها العليم الخبير سبحانه وتعالى وإن خفيت على المخلوق الضعيف.

ونحاول من خلال هذا المقال التماس بعض المنح والفوائد التي حصلت نتيجة هذه الجائحة:

  1. الانتباه من الغفلة التي أصابت كثيرًا من الناس، بل والطغيان الذي وقع فيه بعض البشر، فانتبهوا أنهم ضعفاء فقراء مساكين، مهما كان لديهم من القوة والمال والمنعة، فكل ما لديهم ضعيف بسيط أمام قوة الخالق العظيم، فهذا الفيروس الصغير الذي لا يُرى بالعين أوقف الحياة وشل الحركة.
  2. اللجوء إلى الله الخالق العظيم وطلب العون منه، فبعد مرور عدة شهور والكل محبوس في داره ولم يتوصل الأطباء إلى مصل ودواء للوقاية أو العلاج، جعل الكل يلجأ إلى الخالق يسأله السلامة والعافية أكثر من قبل، والله يحب من عباده أن يسألوه ويتذللوا له ويطلبوه.
  3. قبل هذه الجائحة كان أفراد الأسر مشغولين عن بعضهم، ولا يكادون يلتقون أو يجتمعون، والآن صاروا في بيت واحد لا يغادرونه إلا نادرًا، فالتقوا ببعض وجلسوا سويًّا، واجتمع الأبناء بآبائهم، والإخوة بإخوانهم، وارتبط الأزواج بأزواجهم، وفي ذلك خير وألفة ومحبة، وتشاور وتعاون.
  4. إحياء البيوت بالعبادة والصلاة والذكر، فبعد أن أغلقت المساجد وتوقفت الجمعة والجماعة أقيمت المصليات في البيوت، واجتمع أهل البيت على الطاعة، وعلى كتاب الله يقرؤونه ويتدارسونه ويعيشون في رحابه.
  5. تفعيل الوسائل التقنية المساعدة على الدراسة والتعامل عن بُعد، مما يفتح آفاقًا جديدة ومستقبلًا مختلفًا عما قبل حتى تسير حياة الناس بسهولة ويسر.
  6. توقف كثير من المصانع ووسائل النقل المتعددة أدى إلى قلة التلوث والتأثير الإيجابي على الغلاف الجوي، مما جعل طبقة الأوزون تتعافى.
  7. معالجة القطيعة التي كان قد ابتلي بها بعض الناس وأحيانًا بين الأقارب والأرحام، فباتوا يتحسسون بعضهم ويتفقدون أقاربهم وذلك عبر وسائل الاتصالات المتعددة، حتى وهم في الحجر الصحي، فالهواتف قربت بينهم.
  8. الاستعداد والتهيؤ للمواقف الأصعب التي قد يتعرض لها الإنسان، وهناك أحداث عظيمة مقبلة في آخر الزمان وهي من علامات الساعة التي أخبر بها النبي ﷺ.
  9. معالجة الأخطاء والتوبة من المعاصي ورد المظالم إلى أصحابها وفي ذلك خير للإنسان قبل الموت والندم وفوات الأوان.

سائلين الله عز وجل أن يبعد هذا الوباء عنا جميعًا، وأن يكتب الشفاء لمن أصيب به أو بغيره، والمغفرةَ لمن مات وفارق الحياة.

المصدر: شبكة الألوكة

مواد ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضا
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى