الذكر الحكيم

يا قارئ كلام الله هنيئًا لك

الكاتب/ إسماعيل بن عبدالرحمن الرسيني

يا قارئ كلام الله، هنيئًا لك النور المبين والبصيرة من ربِّ العالمين، فقد حدَّد لك القرآن والسُّنَّة معالم التاريخ من قبل وأثناء وبعد، لا سيَّما مع تخبُّطات آراء الفلاسفة والملاحدة الذين يتخبَّطون في الظُّلُمات، وأمَّا دعوة الأنبياء فالبداية والنهاية وطريقة الوصول واضحةٌ، فـفي كمال أسماء الله الحسنى مثلًا وصفاته، فالله هو الأوَّل والآخِر، والظاهر والباطن، وهو بكُلِّ شيءٍ عليم، ثم يُبيِّن الله -جل وعلا- أن الله خلق السموات والأرض وما فيها.

 ثم بيَّن سبحانه في كتابه مبدأ الإنسان بخلق آدم بيده، وخلق زوجه منه، ثم أهبطهما إلى الأرض، فتناسلت الذُّريات، وبيَّن الله الأنبياء والرُّسُل، وحالهم مع أقوامهم، وصبرهم لإقامة توحيد الله في الأرض، وبيان نصرة الله لهم، وانتقامه من أعدائهم، ثم تتلو بكل ثقة تستصحبها وأنت تقرأ قول الله: إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ [غافر: 51]، فلا يبقى بعد ذلك في قلبك أدنى شكٍّ أنَّ مَن اتَّبَع هَدْي محمد ﷺ أنه منصور، قال سبحانه: إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ ۝ وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ [المائدة: 55-56].

فبيَّن مبدأ خلقك، وسيرة حياتك، ثم نهايتك، ثم قبض روحك، فالقيامة الصغرى وما فيها، ثم الكبرى وما فيها، ثم الحشر، ثم الوقوف بين يدي الله، ثم المرور في الصراط، ثم افتراق الناس: فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ [الشورى: 7]، كل شيء واضح! يا الله! ما أعظم هذه البصيرة! يرى بها الإنسان حركة التاريخ من أوَّلِها إلى آخرِها كأنها الشمس أمام عينيه واضحة، فلا تحجب الشمس بغربال.

يا قارئ كلام الله، هنيئًا لك زيادة الإيمان والحسنات، ومضي الزمان في الطاعات.

 فيا من لا زالت رُوحُه في جسده، أصْلِح الحال، فما زلنا في زمن المهلة، فَالْحَقْ بالرَّكْب، وابتعد عن الهجر، وكُنْ جادًّا مع النفس، واحْذَر سوف، وابدأ من الآن، وأعلن التغيُّر، فالقرآنُ زينةُ الدُّنْيا، والقرآنُ أهَمُّ المهمات، وأهَمُّ الأشياء يجب ألَّا يُعطى فَضلةَ الأوقات؛ بل أحسنها وأفضلها، بصَّرني الله وإياكم بهدي كتابه، ورزقني وإيَّاكم تلاوته آناء الليل وأطراف النهار على الوجه الذي يرضيه عنا، قال تعالى: إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا [الإسراء: 9]، اللهُمَّ بشِّرنا جميعًا يا رحمن يا رحيم، واغفر لنا يا أرحم الراحمين. قال الله تعالى واصفًا كتابه: وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ [فصلت: 41]، ومِن عِزَّة القرآن أنه لا يبقى في قلب من هجره.

المصدر: طريق الإسلام.

مواد ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضا
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى