أحداث تاريخية
إتمام الاستعداد لفتح مكة / 1 رمضان
أنهى النبي -ﷺ- كافة الاستعدادات لفتح مكة المكرمة، في أول رمضان، من السنة الثامنة هجرية، وأخفى الأمر، حتى عن أقرب الناس إليه؛ خشية تسرب الأخبار إلى كفار قريش، فيستعدوا لمواجهته -ﷺ-، وبعث أبا قتادة الأنصاري -رضي الله عنه- على رأس ثمانية نفر، من جملتهم: محلم بن جثامة الليثي، إلى بطن أضم، كل ذلك زيادة في تعتيم الخبر؛ ولكي يتوهم الأعداء أن النبي -صلى الله عليه وسلم- يستعد في المدينة لفتح الجهة التي سارت إليها سرية أبي قتادة، وكان في السرية: محلم بن جثامة الليثي، فمرّ عامر بن الأضبط الأشجعي، فسلَّم بتحية الإسلام، فأمسك عنه القوم، وحمل عليه محلم بن جثامة، فقتله، وسلبه متاعه، وبعيره، ووطب لبنٍ كان معه، فلما لحقوا بالنبي -ﷺ- نزل فيهم القرآن: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِنْدَ اللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ}[النساء:94]… إلى آخر الآية [عيون الأثر (2/207) وغزوات النبي -ﷺ- (ص:122)].
معركة شقحب/2 رمضان
في الثاني من شهر رمضان، عام (702هـ) وقعت معركة شقحب، الفاصلة بين المسلمين والمغول، وكان عدد جند المغول يزيد على المائة ألف، يقودهم قطلوشاه، ونزلوا بضواحي حماة، يوم الجمعة، من (23) شعبان من العام المتقدم، وتقدموا نحو دمشق طمعاً لاحتلال الشام، فخرج السلطان، واجتمع في دمشق جند الشام، وجند مصر، ومعهم الخليفة والسلطان، والأمراء، والعلماء، والمتطوعون، وتقدموا لملاقاة المغول، والتقوا بهم عند قرية شقحب، قريبة من دمشق، من جهة الجنوب، وكان شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- في جند المسلمين، يقول ابن كثير -رحمه الله-: “أصبح الناس يوم السبت على ما كانوا عليه من شدة الحال، وضيق الأمر، فرأوا من المآذن سواداً وغبرةً، من ناحية العسكر والعدو، فغلب على الظنون أن الوقعة في هذا اليوم، فابتهلوا إلى الله -عز وجل- بالدعاء في الجامع والبلد، وطلع النساء والصغار على الأسطحة، وكشفوا رؤوسهم، وضج البلد ضجة عظيمة، ووقع في ذلك الوقت مطر عظيم غزير، ثم سكن الناس، فلما كان بعد الظهر قُرئت بطاقة بالجامع، تتضمن: أن في الساعة الثانية من نهار السبت هذا، اجتمعت الجيوش الشامية والمصرية مع السلطان في مرج الصفر، وفيها طلب الدعاء من الناس، والأمر بحفظ القلعة، والتحرز على الأسوار، فدعا الناس في المآذن والبلد، وانقضى النهار، وكان يوماً مزعجاً هائلاً” [البداية والنهاية ط هجر (18/26) وعقد الجمان في تاريخ أهل الزمان (ص: 418)].
وفاة فاطمة رضي الله عنها/3 رمضان
تُوفيت فاطمة بنت رسول الله -ﷺ- ليلة الثلاثاء، لثلاث خلون من شهر رمضان، سنة إحدى عشرة، وكانت أول أهله لحوقاً به، وصلى عليها علي بن أبي طالب، وهو الذي غسَّلها، مع أسماء بنت عميس، ولم يخلف رسول الله -ﷺ- من بنيه غيرها. وقيل: تُوفيت فاطمة بعده بخمس وسبعين ليلة، وقيل: بستة أشهر إلا ليلتين؛ وذلك يوم الثلاثاء، لثلاث خلون من شهر رمضان، وغسَّلها زوجها علي -رضي الله عنه-، وكانت أشارت عليه أن يدفنها ليلاً، وقد قيل: إنه صلى عليها العباس بن عبد المطلب، ودخل قبرها هو وعلي والفضل [الاستيعاب في معرفة الأصحاب (4/1898) والإصابة في تمييز الصحابة (8/268)].
سرية سيف البحر/4رمضان
4 رمضان سنة (1هـ) الموافق مارس سنة (623م) أمَّر رسول الله -ﷺ- على هذه السرية حمزة بن عبد المطلب، وبعثه في ثلاثين رجلاً من المهاجرين، يعترض عيراً لقريش، جاءت من الشام، وفيها أبو جهل بن هشام في ثلاثمائة رجل، فبلغوا سيف البحر، من ناحية العيص، فالتقوا، واصطفوا للقتال، فمشى مجدي بن عمرو الجهني، وكان حليفاً للفريقين جميعاً بين هؤلاء وهؤلاء، حتى حجز بينهم، فلم يقتتلوا. وكان لواء حمزة أول لواء عقده رسول الله -ﷺ-، وكان أبيضَ، وكان حامله أبا مرثد كناز بن حصين الغنوي [الرحيق المختوم (ص:178)].
عبور موسى بن نصير إلى الأندلس/5رمضان
في الخامس من شهر رمضان المبارك، عام (93 هـ) الموافق (14- يونيو – 712م) عبر موسى بن نصير مضيق جبل طارق إلى أسبانيا، على رأس جيشٍ، قوامه (18 ألف مجاهد) معظمهم من العرب لاستكمال فتح الأندلس، الذي بدأه طارق بن زياد، بتكليف من قائده موسى بن نصير، حيث قاد اثني عشر ألفاً، معظمهم من البربر، وتمكن من الوصول إلى العاصمة طليطلة، بعد سلسلة من المعارك، كان أولها وأشدها معركة (وادي لكه) استمرت ثمانية أيام، حيث بدأت في (28) رمضان (92 هـ) وانتهت في (6) شوال من العام نفسه، بانتصار ساحق للمسلمين على القوط، الذي بلغ عددهم مائة ألف مقاتل، حسب إحدى الروايات، يقودهم ملك أسبانيا لذريق [التاريخ الأندلسي، للحجي (ص:69) والحلة السيراء، لابن الأبار (2/333)].
فتح عَمُّورية / 6رمضان
في السادس من رمضان سنة (223هـ)، كان فتح المسلمين لعمورية، وسبب هذا الفتح وصول خبر إلى الخليفة العباسي، يُفيد بأن مائة ألف رومي، يقودهم الملك الروماني (توفيل) قد غزوا حصن زبطرة المسلم، وقتلوا رجاله، ونهبوا أمواله، وسبوا النساء والذرية، وأن امرأة هاشمية مأسورة في يد ملك الروم صاحب عمورية صاحت: “وامعتصماه” فقال لها ملك الروم ساخراً: “لا يأتي المعتصم لخلاصك إلا على أبلق” فبلغ ذلك المعتصم، فأعد العدة، وتجهز تجهزاً لم يتجهز بمثله خليفة، فلما اجتمعت عساكره، وتوجّه المعتصم إليها، وجمع عساكره عليها، وحاصرها، ثم فتحها، ودخل إليها، وقَتَلَ فيها، وسبى وأسر [الفخري في الآداب السلطانية والدول الإسلامية (ص: 227)]. وفي هذه الحادثة جملة من الفوائد، منها: أن القيادة والولاية ليست للمتعة بالزعامة والملك، وتحقيق المكاسب الخاصة، وإنما هي الشعور بالمسؤولية، والتضحية بالوقت والجهد والنفس والمال، من أجل إسعاد الرعية، ورفع الظلم عنهم. القائد الحقيقي لا يرتضي المنكر والخطأ والظلم، فيتحرك على الفور لإصلاحه، أو تغييره دون تأجيل.
فتح بلاد السند / 7 رمضان
في اليوم السابع من رمضان المبارك لعام (93هـ) تم فتح بلاد السند، ورفرفت راية التوحيد في ربوعها، وسبب فتحها أن قراصنة استولوا على سفينة، كانت تحمل نساء مسلمات، أرسلهن ملك جزيرة الياقوت، هدية إلى الحجاج بن يوسف، فصاحت امرأة من تلك النسوة، وكانت من يربوع: يا حجاج، وبلغ الحجاج ذلك، فقال: يا لبيك، فأرسل إلى (داهر) ملك السند، يسأله الإفراج عن النسوة، فقال: أخذهن لصوص، لا أقدر عليهم، فأرسل الحجاج عبيد الله بن نبهان إلى الديبل (كراتشي) فقُتل، فكتب إلى بديل بن طهفة البجلي، وهو بعمان، يأمره أن يسير إلى (الديبل) لكن الهنود استطاعوا محاصرته وقتله أيضاً، فأدرك الحجاج أن فتح السند، وتحرير الأسيرات المسلمات يحتاج إلى قائد فذ شجاع، وجيش كبير، ذي قوة وحنكة وشدة، فاختار محمد بن القاسم، الذي لم يتجاوز عمره وقتئذٍ سبعة عشر عاماً، ثم بعد ذلك أتم الله لهم فتحها، وغنموا أموالاً كثيرة. ونظر الحجاج فإذا هو قد أنفق على محمد بن القاسم ستين ألف ألف، ووجد ما حُمل إليه عشرين ومائة ألف ألف، فقال: شفينا غيظنا، وأدركنا ثأرنا، وازددنا ستين ألف ألف درهم، ورأس داهر [فتوح البلدان (ص: 419-423)، والعبر، لابن خلدون (3/77)].
وفاة السلطان طغرل بك / 8 رمضان
في الثامن من رمضان، عام (455هـ) تُوفي السلطان طغرل بك، وتولّى حكم الدولة السلجوقية بعده ابن أخيه محمد، الملقب بألب أرسلان، وكان عهده عهد عز ونصر للإسلام والمسلمين، حيث وَضَعَ نصب عينه هدفاً كبيراً، وهو طرد الفاطميين الشيعة من بلاد الشام، وإسقاط الخلافة الفاطمية العبيدية في مصر، وتوحيد العالم الإسلامي، تحت راية الخلافة العباسية [البداية والنهاية (15/ 792-793)، ووفيات الأعيان (5/ 67)].
معركة بلاط الشهداء / 9 رمضان
في التاسع من شهر رمضان المبارك من العام (114هـ) انتهت معركة بلاط الشهداء، التي وقعت في الأراضي الفرنسية، بين مدينتي تور وبواتييه، وكانت بقيادة عبد الرحمن الغافقي، وقائد جيش الفرنجي شارل مارتل، واضطر المسلمون فيها للانسحاب دون أن يحققوا النصر، بعد أن فقدوا عددًا من الشهداء، قال صاحب نفح الطيب: “غزا -أي عبد الرحمن الغافقي- الإفرنجة، وكانت له فيهم وقائع، وأصيب عسكره في رمضان سنة أربع عشرة، في موضع يُعرف ببلاط الشهداء، وبه عُرفت الغزوة” [نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب، ت: إحسان عباس (1/236)].
وفاة الوزير نظام الملك / 10 رمضان
في العاشر من شهر رمضان المبارك عام (485هـ) فقدت الأمة رجلاً عظيماً، إنه الوزير نظام الملك، الوزير أبو علي الحسن بن علي بن إسحاق الطّوسي، قوام الدّين، كان من جلّة الوزراء. ذكره ابن السمعاني، فقال: كعبة المجد، ومنبع الجود، وكان مجلسه عامراً بالقرّاء والفقهاء، أنشأ المدارس بالأمصار، ورغَّب في العلم، وأملى وحدَّث، وعاش ثماني وسبعين سنة، أتاه شاب صوفي الشكل من الباطنية، ليلة عاشر رمضان، فناوله قصّة، ثم ضربه بسكين في صدره، فقضى عليه، فيقال: إن ملكشاه دسَّ عليه هذا، والله أعلم [شذرات الذهب في أخبار من ذهب (5/ 362)].
وفاة العلامة المؤرخ محمد بن شاكر الكتبي / 11 رمضان
في الحادي عشر من رمضان، سنة: 764هـ، توفي العلامة المؤرخ محمد بن شاكر بن أحمد بن عبد الرحمن الكتبي الدارانيّ الدمشقيّ، أحد أعلام المؤرخين في القرن الثامن الهجري، كان فقيراً جداً، واشتغل بتجارة الكتب، فربح منها مالاً طائلاً. وهو صاحب كتاب “عيون التواريخ”، و”فوات الوفيات” رحمه الله رحمة واسعة. [البداية والنهاية (14/345)، الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة (5/194)].
النفير إلى العير / 12 رمضان
في الثاني عشر من رمضان، للعام الثاني للهجرة، خرج النبي -ﷺ- من المدينة، على رأس ثلاثمئة وتسعة عشر رجلاً، لاعتراض قافلة قريش، يقودها أبو سفيان، قادمة من الشام، وقد ندب النبي -ﷺ- الناس للخروج، فقال: هذه عير قريش، فيها أموالهم، فاخرجوا إليها، لعل الله ينفلكموها” [المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (1/209) والسيرة النبوية عرض وقائع وتحليل أحداث (ص: 391)].
معركة الزلاقة / 13 رمضان
في الثالث عشر من رمضان، لعام (480هـ) وقعت معركة الزلاقة، وكان النصر العظيم للمسلمين، على الأسبان الفرنجة [المعجب في تلخيص أخبار المغرب (ص: 100)]. والتقى جيش المسلمين بجيش النصارى، الذي يقدر عدده بضعف عدد المسلمين؛ إذ زاد على الخمسين ألف مقاتل، ومعهم الكثير من القساوسة والرهبان، يرفعون الأناجيل، ودارت معركة رهيبة، أسفرت عن قتل معظم جيش النصارى [التاريخ الأندلسي للحجي (ص: 408)]. وكان لهذه المعركة أثرها الكبير في حفظ الأندلس من السقوط مدة طويلة.
فتح أنطاكية / 14رمضان
في يوم السبت (14) من رمضان سنة (665هـ) فتح المسلمون أنطاكية، على يد السلطان الملك الظاهر، كان نزوله عليها في مستهل شهر رمضان، فخرج إليه أهلها يطلبون منه الأمان، وشرطوا شروطاً له عليهم، فأبى أن يجيبهم، وردهم خائبين، وصمم على حصارها، ففتحها بحول الله وقوته وتأييده ونصره، وغنم منها شيئاً كثيراً، وأطلق للأمراء أموالاً جزيلة، ووجد من أسارى المسلمين فيها خلقاً كثيراً، كل هذا في مقدار أربعة أيام [البداية والنهاية (13/292)].
ولادة سيد شباب أهل الجنة/ 15رمضان
في منتصف شهر رمضان، من السنة الثالثة من الهجرة، ولد أبو محمد القرشي الهاشمي، سبط رسول الله -ﷺ-، وابن ابنته فاطمة الزهراء، وريحانته، وأشبه خلق الله به في وجهه، فحنكه رسول الله بريقه، وسماه حسناً، وهو أكبر ولد أبويه [تاريخ خليفة (ص: 66) وتاريخ بغداد (1/ 140)]. وكان النبي -ﷺ- يحبه حباً شديداً، ويداعبه، فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: خرجتُ مع رسول الله -ﷺ- في طائفة من النهار، لا يكلمني ولا أكلمه، حتى جاء سوق بني قينقاع، ثم انصرف، حتى أتى خباء فاطمة، فقال: أثم لكع؟ أثم لكع؟ يعني: حسناً، فظننا أنه إنما تحبسه أمه؛ لأن تغسله وتلبسه سخاباً، فلم يلبث أن جاء يسعى، حتى اعتنق كل واحد منهما صاحبه، فقال رسول الله -ﷺ-: اللهم إني أحبه، فأحبه، وأحبب من يحبه [البخاري (5884) ومسلم (2421)]. وقد أصلح الله به بين فئتين عظيمتين من المسلمين، كما أخبر النبي -ﷺ-، حيث قال: ابني هذا سيد، ولعل الله أن يصلح به بين فئتين من المسلمين [البخاري (3746)]. فالزهد في المناصب الكبرى أمر عظيم، لا يستطيعه إلا الكبار في إيمانهم، وأخلاقهم، وتربيتهم، كالحسن -رضي الله عنه وأرضاه-.
وفاة المؤرخ المقريزي / 16رمضان
في السادس عشر من رمضان، من عام (845هـ) تُوفي في القاهرة شيخ مُؤرخي مصر في زمانه، أحمد بن علي المقريزي، المعروف بتقي الدين المقريزي، من أهم مؤلفاته: (السلوك لمعرفة دول الملوك) وكتاب (عقد جواهر الأسفاط من أخبار مدينة الفسطاط) وكتاب (اتعاظ الحنفا بأخبار الخلفا) المتخصص في تاريخ مصر في زمن الدولة الفاطمية [البدر الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع (1/81)].
يوم الفرقان / 17رمضان
كانت في السنة الثانية من الهجرة، يوم الجمعة، صبيحة سبع عشرة من رمضان [السير والمغازي لابن إسحاق (ص: 130)]. خرج النبي -ﷺ- مع أصحابه لعير قريش، فيها أموالهم، فخف بعضهم، وثقل بعضهم؛ وذلك أنهم لم يظنوا أن رسول الله -ﷺ- يلقى حرباً. فخرج المشركون من أهل مكة سراعاً، ومعهم القيان والدفوف، وأقبل أبو سفيان بن حرب بالعير، لم يتخلف من أشراف قريش أحد إلا أبا لهب بن عبد المطلب، وبعث مكانه العاصي بن هشام بن المغيرة، وكان عددهم خمسين وتسعمئة مقاتل، وساقوا مئة فرس. وكان عدد المسلمين ثلاثمئة وسبعة عشر رجلاً، ومعهم فرسان وسبعون بعيراً، وثبتهم الله بألف من الملائكة، وانتهت المعركة بنصر المسلمين، وهزيمة المشركين، حيث قتل من المشركين سبعون، وأُسر منهم سبعون آخرون، وأُلقي بضعةٌ وعشرون رجلاً من صناديد قريش في قليب ببدر، أما شهداء المسلمين فكانوا أربعة عشر شهيداً. ومن دروسها العظيمة: ضرورة أن يظهر القادة أمام جنودهم بمظهر الواثق بنصر الله، حتى في أصعب الظروف، وأن يجتنبوا إظهار الخوف، أو التردد أمام أتباعهم.
وفاة سيف الله المسلول / 18رمضان
وفي الثامن عشر من رمضان، من عام (21هـ) تُوفي سيف الله المسلول، خالد بن الوليد، صاحب العديد من الفتوحات والانتصارات على أعتى إمبراطوريتين هما (الفرس والروم) وقد قضى حياته كلها بين كرٍّ وفرٍّ، وجهاد في سبيل إعلاء كلمة الحق، ونصرة الدين. ولما حضرت خالد بن الوليد الوفاة، قال: لقد شهدتُ مئة زحف أو زهاءها، وما في بدني موضع شبر إلا وفيه ضربة، أو طعنة، أو رمية، وها أنا أموتُ على فراشي، كما يموت العير، فلا نامت أعين الجبناء، وما من عمل أرجى من (لا إله إلا الله) وأنا متترس بها [أسد الغابة (2/140)].
استشهاد الخليفة الرابع / 19رمضان
في التاسع عشر من رمضان، سنة (40هـ) استُشهد الخليفة الراشد، علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- على يد الخارجي المارق عبد الرحمن بن ملجم، وكان أحد ثلاثة من الخوارج، اجتمعوا في مكة، وتعاقدوا على قتل علي بن أبي طالب، ومعاوية، وعمرو بن العاص، فقال ابن ملجم: أنا لعلي، وقال البرك: أنا لمعاوية، وقال الثالث: أنا لعمرو، وتعاهدوا أن لا يرجع أحد عن صاحبه حتى يقتل، أو يموت دونه، وتواعدوا أن يكون التنفيذ ليلة السابع عشر من رمضان، فتوجه كل واحد إلى المصر الذي فيه صاحبه الذي يريد قتله، فضرب ابن ملجم علياً -رضي الله عنه- بسيف مسموم في جبهته، فأوصله دماغه في الليلة المذكورة، فأُصيب إصابة خطيرة، تُوفي على إثرها، وأُخذ ابن ملجم، فأُدخل على عليّ، فقال: “أطيبوا طعامه، وألينوا فراشه، فإن أعش فأنا ولي دمي، عفوٌ أو قصاص، وإن متُ فألحقوه بي أخاصمه عند رب العالمين” [أسد الغابة (4/113)]. فرضي الله عن أمير المؤمنين علي، ورحمه الله رحمة واسعة. ومما يستفاد من هذا الحدث الجلل: الوعي بأن أهل الباطل يمكرون في الليل والنهار، ولا يملون من كثرة الاجتماعات، وكثرة المناقشات، وتقليب وجهات النظر للاستقرار على أمر يريدونه. الأمر الذي يتطلب مراغمة ذلك وإعداد العدة، وقد كان عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- يقول: “اللهم أشكو إليك جلد الفاجر، وعجز الثقة” [مجموع الفتاوى (28/254)].
الفتح المبين / 20رمضان
في العشرين من رمضان، للعام الثامن للهجرة، دخل النبي -ﷺ- بأصحابه مكة منتصرين فاتحين [القول المبين في سيرة سيد المرسلين (ص: 341)]. وجاء النبي -ﷺ- إلى البيت الحرام، وفي يده قوس، وحول البيت وعليه (360) صنماً، فجعل يطعنهم بالقوس، ويقول: وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا [الإسراء:81]. ولقد عجل النبي -ﷺ- بهدم رموز الشرك التي قدسها أهل مكة، دون أن يجامل في ذلك أحداً، أو يحفل بما يمكن أن يثيره هدمها من غضب في نفوس القرشيين وغيرهم؛ لأن بقاءها سيجعل أصحاب النفوس قريبة العهد بالكفر تحن إليها، وسيعين الشيطان على إغواء أهل مكة للعودة إلى عبادتها، وهذا الذي ينبغي أن يقوم به أهل الحق في كل زمان ومكان يُمَكَّن لهم فيه؛ إذ يجب عليهم أن يزيلوا كل ما يمكن أن يفسد الناس، أو يضلهم.
وفاة الحجاج بن يوسف الثقفي/ 21رمضان
في الحادي والعشرين من رمضان، لعام (95هـ) يوم الجمعة، تُوفي في العراق، الحجاج بن يوسف الثقفي، عن عمرٍ ناهز الرابعة والخمسين عاماً؛ ولما جاء خبر موت الحجاج إلى الحسن البصري، سجد لله تعالى شكراً، وقال: “اللهم إنك قد أمته، فأمت عنا سنته”. وكانت وفاته بمدينة واسط، ودُفن بها، وعُفي قبره، وأُجري عليه الماء [وفيات الأعيان (2/53)].
عاد أهل بدر بالأجر والنصر / 22رمضان
في الثاني والعشرين من رمضان، من العام الثاني للهجرة، عاد النبي -ﷺ- وأصحابه إلى المدينة، ظافرين بالأجر والنصر، ففرح المؤمنون، واغتاظ اليهود والمنافقون [السيرة النبوية، لابن كثير (2/470)].
وفاة العالِم: أسامة بن مرشد الكناني / 23رمضان
في الثالث والعشرين من رمضان المبارك، لعام (584هـ) تُوفي في مدينة حماة، أسامة بن مرشد الكناني، عن عمر ناهز السابعة والتسعين عاماً، ودُفن بدمشق في جبل قاسيون [تذكرة الحفاظ، للذهبي (4/99)]. قال عنه ابن الصابوني: “الأمير العالم، أبو المظفر، أسامة بن مرشد بن علي بن مقلد بن نصر بن منقذ الكناني الشيزري، من بيت مشهور بالشجاعة والتقدم والفضيلة، وله التصانيف المفيدة، والمناقب العديدة، واليد الطولى في اللغة والكتابة والنظم”. وكان ينشد: وما سكنت نفسي إلى الصبر عنكم *** ولا رضيت بعد الديار من القربِ ولكن أيامي قضت بشتاتنا *** ففارقكم جسمي وجاوركم قلبي ولو جمعتنا الدار بعد تفرقٍ *** لكنتم من الدنيا وزينتها حسبي. [تكملة إكمال الإكمال في الأنساب والأسماء والألقاب (ص: 112)].
بناء مسجد عمرو بن العاص / 24رمضان
جامع عمرو بن العاص هو أول مسجد بني في مصر وإفريقيا كلها، بُني في مدينة الفسطاط التي أسسها المسلمون في مصر بعد فتحها، كان يُسمى أيضًا بـ: مسجد الفتح، والمسجد العتيق، وتاج الجوامع. كانت مساحة الجامع وقت إنشائه: 50 ذراعًا في 30 ذراعًا وله ستة أبواب، وظل كذلك حتى عام 53هـ / 672م حيث توالت التوسُّعات؛ فزاد من مساحته مسلمة بن مخلد الأنصاري والي مصر من قبل معاوية بن أبي سفيان وأقام فيه أربع مآذن، وتوالت الإصلاحات والتوسُّعات بعد ذلك على يد من حكموا مصر حتى وصلت مساحته بعد عمليات التوسيع المستمرة نحو أربعة وعشرين ألف ذراع معماري، وهو الآن 120 في 110 مترًا. [موقع الألوكة].
عين جالوت / 25رمصان
في الخامس والعشرين من شهر رمضان المبارك، عام (658هــ) وقعت معركة عين جالوت، الفاصلة بين المسلمين، بقيادة حاكم مصر سيف الدين قطز، والمغول بقيادة (كتبغانوين) ونصر الله المسلمين نصراً مؤزراً، وهزم المغول هزيمة ساحقة، وحرر الشام وفلسطين من رجسهم، وأنقذ الأمة المسلمة وحضارتها من الدمار [ذيل مرآة الزمان (1/361) والمختصر في أخبار البشر (3/ 205)].
وفاة السلطان سليمان الثاني / 26رمضان
في 26 رمضان، سنة (1102هـ) الموافق 23 يونيو 1691م، تُوفي السلطان سليمان الثاني، عن غير عقب، وعمره (50) سنة، بعد أن حكم ثلاث سنوات، وثمانية أشهر، ودُفن في تربة جده السلطان سليمان الأول، وتولّى بعده أخوه [تاريخ الدولة العلية العثمانية (ص: 306)].
شمس المرابطين تغرُب عن المغرب / 27رمضان
في السابع والعشرين من رمضان، لعام (539هـ) كانت نهاية المرابطين في المغرب، وقيام دولة الموحدين، حيث هوى أمير دولة المرابطين تاشفين بن علي بن يوسف بن تاشفين بحصانه عن صخرة عالية، فقُتل أثناء مطاردة جيش الموحدين، بقيادة عبد المؤمن بن علي لجيشه بعد معركة بين الفريقين [الوافي بالوفيات (10/232)]. والدرس الكبير الذي ينبغي أن نستوعبه من تاريخ دولة المرابطين، هو: أن هدف إقامة الدولة المسلمة القوية لن يتحقق إلا بجيل مؤمن، ملتزم بأحكام الشرع، يتربّى على أيدي العلماء الصادقين، وأنَّ الترف والفساد والانحرافات عن شريعة الله تُسقط الدولة المسلمة مهما كانت قوية.
شمس الإسلام تشرق على الأندلس / 28رمضان
في الثامن والعشرين من رمضان، لعام اثنين وتسعين للهجرة، بدأت معركة (شذونة) الفاصلة، وقد نصر الله تعالى فيها الفئة القليلة المؤمنة، على الفئة الكثيرة المشركة، بعد قتال شديد، استمر ثمانية أيام [نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب (1/ 259) والتاريخ الأندلسي للحجي ص: (56)]. والمتأمل في التأريخ الإسلامي يجد أنَّ معظم انتصارات المسلمين الكبيرة، كان عدد جنودهم فيها أقل بكثير من عدد جنود أعدائهم، وأنَّ مسألة العدد لم يكن لها اعتبار عند قادة المسلمين وجنودهم، فهي ليست سببَ النصر أو الهزيمة في تصورهم، وأن النصر متوقف على نوعية الجنود، وقوة إيمانهم، وكثرة طاعاتهم، وقلة ذنوبهم، وشدة صدقهم.
بناء مدينة القيروان / 29رمضان
في التاسع والعشرين من رمضان، لعام ثمانية وأربعين للهجرة، أمر والي المغرب، عقبة بن نافع، ببناء مدينة القيروان؛ لتكون قاعدة للجيش الإسلامي، منها ينطلق، وإليها يعود، ومركزاً للعلم والدعوة إلى الإسلام، وعلاجاً لمشكلة نقض البربر لعهودهم، وقد لخَّص عقبة هدفه من بناء القيروان بقوله: “إن أفريقية إذا دخلها إمام أجابوه إلى الإسلام، فإذا خرج منها رجع من كان أجاب منهم لدين الله إلى الكفر، فأرى لكم يا معشر المسلمين أن تتخذوا بها مدينة، تكون عزاً للإسلام إلى آخر الدهر” [البيان المغرب في أخبار الأندلس والمغرب (1/19)].
البخاري في ضيافة الباري / 30رمضان
في30 من رمضان لعام (256هـ) تُوفي الإمام محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة، المعروف بالإمام البخاري، أمير المؤمنين في الحديث، وصاحب (صحيح البخاري) أصح كتاب بعد كتاب الله، و(التاريخ الكبير) و(الأدب المفرد) تُوفي بقرية (خرتنك) قريباً من بخارى، وكان عمره يوم أن مات اثنين وستين عاماً [سير أعلام النبلاء (12/ 468)]. وقد شهد بعلمه كبار العلماء، فقال ابن خزيمة: “ما رأيتُ تحت أديم السماء أعلم بالحديث من محمد بن إسماعيل البخاري” [تاريخ بغداد (2/ 348)]. وقال البخاري عن نفسه: “أُلهِمتُ حفظ الحديث وأنا في الكُتَّاب، ابن عشر سنين” [المختصر في أخبار البشر (2/ 48)]. وعن كتابه (صحيح البخاري) يقول: “صنفتُ كتابي الصحيح لست عشرة سنة، خرجته من ستمائة ألف حديث، وجعلته حجة فيما بيني وبين الله تعالى [طبقات الحنابلة (1/ 276)].