هيا بنـا نؤمن ساعة

أنفاسك في الدنيا معدودة

اعلم أخي الحبيب أن هذه الحياة الدنيا أنفاس معدودة في أماكن محدودة. وأن هذه الحياة (بحر) والأنفاس (مراكب) تقربنا إلى الشاطئ. وأن الحياة (سفر)، وهو إن طال العمر أو قصر لابد أن ينتهي إلى المنزل والمستقر في نهاية المطاف: إما إلى جنة أبدًا، أو إلى نار أبدًا.

فهل من مشمّر إلى الجنة؟ أم تريد القعود مع القاعدين؟

فحيّ على جنات عدن فإنهامنازلنا الأولى وفيها المخيم[1].

أخي الحبيب..

لقد دق ناقوس الرحيل، وتهيأ الركب للمسير، فوضعوا الزاد، وملئت المزاد، وحملت الإبل.. وأنت لم تزل في الرقدة الأولى بعد!

أخي الحبيب..

كلنا لابد أن يركب قطار الآخرة ويسافر، فهل تريد أن ترحل كريمًا، ويحسن استقابلك، وتنزل منزلًا؟

أم تريد أن تذهب مخفورًا؟ وتُستقبل مهانًا؟ وتلقى ملومًا مدحورًا؟

إن من أراد سفرًا سأل ونقّر، وأعد له العدة وفكر، وهيّأ له الزاد وقدّر، فما بالنا نغفل عن السفر الطويل إلى الآخرة؟

إن الأيام تسير بنا وإن لم نسر، والأنفاس مراحل تقربنا إلى القبر الذي هو أول منازل الآخرة، وبعد ذلك أهوال وأهوال.

فإن تنج منها تنج من ذي عظيمةوإلا فإني لا إخالك ناجيًا[2].

فماذا تراك قد أعددت لهذا السفر الطويل الذي بدأ بالفعل منذ نزلت من بطن أمك؟

أيام عمرك تذهبوجميع سعيك يَكتب
ثم الدليل عليك منكفأين أين المهرب؟[3].

فالبدار البدار.. فلا يوجد ثم طريق للهرب أو الفرار.

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: بادروا بالأعمال فتنًا كقطع الليل المظلم، يصبح الرجل مؤمنًا ويمسي كافرًا، ويمسي مؤمنًا ويصبح كافرًا، يبيع دينه بعرض من الدنيا قليل[4].

فبادر يا أخي بالأعمال الصالحة في زمن المهلة قبل أن تفلت من يدك الفرصة.

المصدر: دار ابن خزيمة.

  1. إغاثة اللهفان من مصايد الشيطان، لابن القيم (1/ 71).
  2. زاد المعاد في هدي خير العباد، لابن القيم (3/ 211).
  3. تاريخ الإسلام للذهبي (30/ 314).
  4. رواه أحمد في مسنده (8030)، وقال محققه: إسناده صحيح على شرط مسلم.

مواد ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضا
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى