الذكر الحكيم

العمل بالقرآن

أخي المسلم:

لقد أنزل الله تعالى كتابه شرعًا للعباد، ومنهجًا يحتذون طريقه، ونورًا مبينًا..

والعمل بكتاب الله تعالى هو أصل كلِّ سعادة؛ فلن يسعد الخلق إلاَّ إذا عملوا بكتاب ربهم تبارك وتعالى، كما أنَّ ترك العمل بكتاب الله تعالى أصل كلِّ شقاء.

قال الله تعالى: قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى ۝ وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى ۝ قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا ۝ قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى [طه: 123- 126].

ولقد كان العمل بالقرآن هو ديدن السلف الصالح وشعارهم في هذه الدنيا؛ فسعدوا بذلك وجعل الله لهم التمكين والثبات في الحياة الدنيا، وسيجزيهم يوم القيامة خير ما يجازي به أولياءه.

قال ابن عمر رضي الله عنهما: كان الفاضل من أصحاب رسول الله ﷺ في صدر هذه الأمَّة لا يحفظ من القرآن إلا السورة أو نحوها، ورُزِقوا العمل بالقرآن، وإن آخر هذه الأمَّة يُقرِئون القرآن منهم الصبيَّ والأعمى، ولا يُرزقون العمل به!

وقال أبو عبد الرحمن السلمي رحمه الله: كنا إذا تعلَّمنا عشر آيات من القرآن لم نتعلَّم العشر التي بعدها حتى نعرف حلالها وحرامها وأمرها ونهيها.

بل إنَّ الكثيرين ليحفظون كتاب الله ليقال لهم إنهم حفَّاظ لكتاب الله تعالى، من غير ائتمار بأوامره أو انتهاء عن نواهيه!

قال ابن مسعود -رضي الله عنه-: إنَّ أحدكم ليقرأ القرآن من فاتحته إلى خاتمته ما يُسقِط منه حرفًا وقد أسقط العمل به.

وهؤلاء هم الذين لم ينتفِعوا بكتاب الله تعالى، ولم يجدوا بركاته و آثاره الجميلة التي يجدها أهل القرآن حقًّا، ممن علم وعمل.

فيا لتعاسة هؤلاء، بأية حجَّة يحتجُّون غدًا إذا وقفوا بين يدي ربهم تعالى؟!

أخي المسلم:

إنَّ هذا القرآن إمَّا حُجَّة لك، وإما حجَّة عليك.

فإذا كنت من أولئك الذين يحرصون على الوقوف عند حدوده وتحليل حلاله وتحريم حرامه؛ فستجد غدًا أمامك ما يسرُّك.

وإن كنتَ من أولئك الذين يمرُّون على حروفه؛ غير متدبِّرين ولا عاملين؛ فأنت يومها من أخسر الخاسرين.. يوم أن يأتي القرآن خصيمًا لك!

قال معاذ بن جبل -رضي الله عنه-: اعلموا ما شئتم أن تعلموا؛ فلن يأجركم الله بعلمه حتى تعملوا!

أخي المسلم:

قليلٌ أولئك الذين يعملون بكتاب الله تعالى، وقليلٌ أولئك الذين يتَّعظون بمواعظه، فلتحذر حال الغافلين، وإيَّاك أن تكون غدًا من الخاسرين، وتزوَّد اليوم من كتاب ربِّك ما ينفعك في دينك ودنياك.

ولن يضلَّ قومٌ تمسَّكوا بكتاب الله تعالى واتَّخذوه شرعةً ومنهاجًا.

والمسلم الصَّادق نموذج حيٌّ للقرآن، يُترجمه في حياته؛ فهو داعٍ إلى كتاب الله بعمله وإن لم يتكلَّم بلسانه.

وإذا رأى الناس شخصًا ترجم القرآن بأفعاله كان تأثُّرهم به أ شدَّ ممَّن حفظه أو فهمه ولم يعمل به.

وهذه الخصلة هي التي رفعت أولئك الطاهرين -رضوان الله عليهم- من أصحاب النبي ﷺ، فكانوا ذلك النموذج الصادق للوحي الصادق..

حتى كانت أخبارهم كضربٍ من الخيال؛ لأنَّ الناس لم يعهدوا مثل تلك الأخلاق.. ولكنه القرآن الذي يرفع الله به من يشاء من عباده، ومن رفعه الله تعالى بكتابه؛ فأكرم بذلك من شرف وسؤدد، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء.

المصدر: موقع الكلم الطيب.

مواد ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضا
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى