الذكر الحكيم

أثر القرآن العظيم في إسلام صحابيين جليلين

في قصة إسلام الصحابيين أسيد بن حضير وسعد بن معاذ رضي الله عنهما ما يبين قوة تأثير هذا القرآن العظيم على النفوس وأخذه بمجامع القلوب؛ فقد وقف أسيد بن حضير على مصعب وأسعد بن زرارة فقال: “ما جاء بكما إلينا؟ تسفهان ضعفاءنا، اعتزلانا إن كانت لكما بأنفسكما حاجة.

فقال له مصعب: أوَ تجلس فتسمع، فإن رضيت أمرًا؛ قبلته، وإن كرهته؛ كف عنك ما تكره. قال: أنصفت. ثم ركز حربته وجلس إليهما، فكلمه مصعب بالإسلام، وقرأ عليه القرآن.

 فقالا -فيما يذكر عنهما-: والله لعرفنا في وجهه الإسلام قبل أن يتكلم في إشراقه وتهلله، ثم قال: ما أحسن هذا الكلام وأجمله! كيف تصنعون إذا أردتم أن تدخلوا في هذا الدين؟

 قالا له: تغتسل فتطهر وتطهر ثوبيك ثم تصلي.

 فقام فاغتسل وطهر ثوبيه وتشهد شهادة الحق، ثم قام فركع ركعتين. ثم قال لهما: إن ورائي رجلًا إن اتبعكما لم يتخلف عنه أحد من قومه وسأرسله إليكما الآن: سعد بن معاذ، ثم أخذ حربته وانصرف إلى سعد وقومه وهم جلوس في ناديهم، فلما نظر إليه سعد بن معاذ مقبلًا قال: أحلف بالله لقد جاءكم أسيد بغير الوجه الذي ذهب به من عندكم، فلما وقف على النادي قال له سعد: ما فعلت؟

قال كلمت الرجلين فوالله ما رأيت بهما بأسًا وقد نهيتهما فقالا: نفعل ما أحببت، وقد حُدثت أن بني حارثة قد خرجوا إلى أسعد بن زرارة ليقتلوه وذلك أنهم قد عرفوا أنه ابن خالتك ليخفروك.

 قال: فقام سعد مغضًبا مبادرًا تخوفًا للذي ذكر له من بني حارثة فأخذ الحربة من يده ثم قال: والله ما أراك أغنيت شيئًا، ثم خرج إليهما فلما رآهما سعد مطمئنين عرف سعد أن أسيدًا إنما أراد منه أن يسمع منهما فوقف عليهما متشتمًا ثم قال لأسعد بن زرارة: يا أبا أمامة، أما والله لولا ما بيني وبينك من القرابة ما رمت هذا مني، أتغشانا في دارنا بما نكره؟

وقد قال أسعد بن زرارة لمصعب بن عمير: لقد جاءك والله سيد مَن وراءه من قومه، إن يتبعك لا يتخلف عنك منهم اثنان.

 قال: فقال له مصعب: أو تقعد، فتسمع فإن رضيت أمرًا ورغبت فيه قبلته، وإن كرهته عزلنا عنك ما تكره.

قال سعد: أنصفت، ثم ركز الحربة وجلس فعرض عليه الإسلام وقرأ عليه القرآن.

 قالا: فعرفنا والله في وجهه الإسلام قبل أن يتكلم لإشراقه وتهلله.

 ثم قال لهما: وكيف تصنعون إذا أنتم أسلمتم ودخلتم في هذا الدين؟

قالا: تغتسل فتطهر ثوبيك ثم تشهد شهادة الحق ثم تصلي ركعتين.

 قال: فقام فاغتسل وطهر ثوبيه وشهد شهادة الحق ثم ركع ركعتين، ثم أخذ حربته فأقبل عامدًا الى نادي قومه ومعه أسيد بن حضير.

 قال: فلما رآه قومه مقبلًا قالوا: نحلف بالله لقد رجع إليكم سعد بغير الوجه الذي ذهب به من عندكم، فلما وقف عليهم قال: يا بني عبدالأشهل، كيف تعلمون أمرى فيكم؟

قالوا: سيدنا وأفضلنا رأيًا وأيمننا نقيبة.

 قال: فإن كلام رجالكم ونسائكم علي حرام حتى تؤمنوا بالله وبرسوله.

 قالا: فوالله ما أمسى في دار بني عبدالأشهل رجل ولا امرأة إلا مسلمًا ومسلمة”[1].

المصدر: طريق الإسلام

  1. سيرة ابن هشام (1/ 437).

مواد ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضا
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى