الذكر الحكيم

محرومون من لذة قراءة القرآن

من المحرومين من حُرم لذة قراءة القرآن، وتدبر آياته، والبكاء من خشية الله.
عن عطاء قال: "دخلتُ أنا وعبيد بن عمير على عائشة -رضي الله تعالى عنها-، فقال عبيد بن عمير: حدثينا بأعجب شيء رأيته من رسول الله -ﷺ-، فبكت وقالت: قام ليلة من الليالي، فقال: يا عائشة! ذريني أتعبد لربي قالت: قلتُ: والله إني لأحب قربك، وأحب ما يسرك، قالت: قام فتطهر، ثم قام يصلي، فلم يزل يبكي، حتى بل حجره، ثم بكى فلم يزل يبكي، حتى بل الأرض، وجاء بلال يؤذن بالصلاة الفجر، فلما رآه يبكي، قال: يا رسول الله! تبكي وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟! قال -ﷺ-: أفلا أكون عبداً شكوراً، لقد نزلت عليّ الليلة آيات، ويل لمن قرأها ولم يتفكر فيها إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ [آل عمران (190)] آخر الآيات من سورة آل عمران [صحيح ابن حبان (620) وحسنه الألباني في التعليقات الحسان على صحيح ابن حبان (2/ 84)].
إذن فمِن المحرومين من لم يقرأ القرآن، وربما قرأه في رمضان بدون تدبر ولا خشوع.
اسأل نفسك أيها المحب! كم آية تقرأ في اليوم؟ بل كم مرة تقرأ في الأسبوع؟ كم مرة دمعت عيناك وأنت تقرأ القرآن؟ إن من الناس من لم تدمع عينه مرة واحدة عند سماع أو قراءة آيات القرآن! وربما دمعت مراراً ومدراراً عند سماع كلمات الغناء في الحب والغرام والهجر والحرام، والعياذ بالله!
مساكين الذين ظنوا الحياة كأساً ونغمةً ووتراً، مساكين الذين جعلوا وقتهم لهواً ولعباً وغروراً، مساكين الذين حسبوا السعادة أكلاً وشرباً ولذة.
ليل المحرومين غناء وبكاء، وليل الصالحين بكاء ودعاء.
ليل المحرومين مجون وخنوع، وليل الصالحين ذكر ودموع.
أيها المحروم من لذة البكاء! اعلم أنه متى أقحطت العين من البكاء من خشية الله، فاعلم أن قحطها من قسوة القلب، وأبعد القلوب من الله القلب القاسي، والعياذ بالله.
فقل لنفسك أيها المحروم: وا أسفاه! وا حسرتاه! كيف ينقضي الزمان، وينفد العمر، والقلب محجوب محروم، ما شم رائحة القرآن، دخل الدنيا وخرج وما ذاق أطيب ما فيها، بل عاش فيها عيش البهائم، وانتقل منها انتقال المفاليس، فكانت حياته عجزاً وكسلاً، وموته غبناً وكمداً.
ألم تسمع أيها المحروم! ألم تسمعي أيتها المحرومة! لقول النبي -ﷺ-: والقرآن حجة لك أو عليك [صحيح مسلم (223)] فأيهما تختار؟ وأيهما تختارين لك أو عليك؟!
فيا أيها الأخ الحبيب، ويا أيتها المسلمة، إن هذا القرآن رحمة، وهو هدى ونور وشفاء لما في الصدور، كما وصفه الله -سبحانه وتعالى-، فاسمع أيها المحروم من قراءة القرآن: إنَّ قراءة القرآن بتدبر وتمعن من أعظم أسباب السعادة، ومن أعظم أسباب انشراح الصدر في الدنيا والآخرة.

الناشر: الشيخ: إبراهيم الدويش

المصدر: موقع طريق الإسلام

مواد ذات صلة

اقرأ أيضا
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى