هيا بنـا نؤمن ساعة

ليت كل أيامنا مثل رمضان

علي صالح طمبل

“ليت كل أيامنا مثل رمضان” عبارة قالها -برضًا- أحدُ المصلين في المسجد، وهو يرى تغير حال الناس في رمضان نحو الأفضل.

في شهر رمضان المبارك يسُودُ الهدوء شوارعَنا، حتى لا تكاد تجد كالعادة شجارًا بين اثنين، أو صياحًا كما كان يحدث قبل رمضان، حيث يختفي -إلى حد كبير- الشجار الذي ينشب بين سائقي السيارات، أو بين مساعد السائق وبين ركاب الحافلات العامة.

تلك الشجارات التي يتبادل فيها الناس السبابَ، وقد تستفحل، وتتحول إلى ضرب بالأيدي، أو ينتهي بها المطاف إلى قسم الشرطة، أو إلى أكثر من ذلك، كما قرأنا من قبل أكثر من مرة على صفحات الحوادث بالصحف اليومية.

في رمضان تختفي كثير من الظواهر عن شوارعنا، فالنساء أكثر احتشامًا، وإقبالًا على الحجاب، وأكثر بعدًا عن التبرج، والسفور، وكثير من الرجال تركوا الجلوس على الطرقات دون داعٍ، أو عمل، واختفت ظواهر الأكل في الشوارع، وشرب الشاي، والدخان، وقل الاختلاط بين الجنسين حين كُسرِت الشهوة بالصوم، وانخفض منسوب الكذب، والغش في الأسواق إلى أدنى درجة، وندرت المخالفات المرورية أيضًا.

وفي رمضان يدخل الناس -ولا سيما الشباب منهم- المساجد أفواجًا، يُحيون أيامهم، ولياليهم بالصلاة، والذكر، وقراءة القرآن، ويرى المصلون وجوهًا قد آبت لخالقها بعد غيبة طويلة حين قيدت شياطينها، فاهتدت إلى دروب التقوى، واﻹيمان، وانكسرت خاشعة لربها الرحمن.

في رمضان، تتملك الرحمة قلوب الناس، فيحنو كبيرهم على صغيرهم، وقويهم على ضعيفهم، ومن كان له فضل زادٍ أو ظهرٍ عاد به على من لا زاد له ولا ظهر، فيطعمون الطعام، ويحملون معهم في سياراتهم الخاصة من لا يملك سيارة، أو وسيلة ترحيل.

إن هذا الوضع المثالي الذي يخيم على المناخ الرمضاني أدعى بتأمل ذوي العقول والألباب، وأحرى بأن يدفعنا للتساؤل: ما دمنا في رمضان على هذا النحو من الاستقامة، والسمو الروحي والخُلقي؛ فلماذا لا يكون رمضان نقطة تحول وتغير على مستوى الفرد، بتصحيح العقيدة، وتزكية النفس، وتهذيب الطبع، ومن ثم التغيير على مستوى الجماعة تغييرًا لحال الأمة، وإصلاحًا لشأنها؟

فالتغيير يبدأ بالفرد، ولو بدأ كل منا بنفسه، فأصلحها؛ لكانت تلك بداية التغيير الحقيقية، والنقطة التي تنطلق منها الأمة على مستوى التغيير الأكبر الذي يشمل مناحي الحياة كافة؛ حتى تعود الأمة لتحتل موقعها القيادي والريادي بين الأمم.

فلنعقد العزم هذه المرة على الاستقامة على الجادة، وألا ننتكس بعد رمضان؛ حتى تصبح كل أيامنا مثل رمضان، فيعود ذلك بالخير والفلاح علينا وعلى أمتنا.

المصدر: شبكة الألوكة.

مواد ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضا
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى