هيا بنـا نؤمن ساعة

رمضان فرصتك للإخلاص والطهارة من الرياء

عصام ضاهر

قال تعالى: وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ [البينة: 5].

لا شك أن من أجل، وأعظم العبادات التي تربي في نفوسنا حسن القصد لله، والتوجه الكامل إليه، وتصحيح النية، وإخلاصها لله تعالى، إنما هو الصيام، حيث إن حال الممسك عن الطعام شبعًا مثل حال الممسك عن الطعام تقربًا إلى الله تعالى في الصورة الظاهرة، وبالتالي لا يكون بينهما فارق إلا بالنية.

ولذلك يقول القرطبي: “لما كانت الأعمال يدخلها الرياء، والصوم لا يطَّلع عليه بمجرد فعله إلا الله، فأضافه الله إلى نفسه، ولهذا قال في هذا الحديث: يترك طعامه وشرابه وشهوته من أجلي[1].

 وقال ابن الجوزي: “جميع العبادات تظهر بفعلها، وقلّ أن يسلم ما يظهر من شوب، بخلاف الصوم”[2].

وكما قال الإمام أحمد: لا يدخله رياء[3].

وقال أبو سليمان الداراني4: من صَفَّى؛ صُفِّيَ له، ومن كدر؛ كُدر عليه، ومن أحسن في ليله، كوفئ في نهاره، ومن أحسن في نهاره، كوفئ في ليله[4].

ما أجمل العبادات عندما نريد بها وجه الله تعالى!

وما أجمل الصيام حين نجني من ثمراته الإخلاص!

نعم إنه الإخلاص الذي نبحث عنه في كل أعمالنا، فلا نكاد نجده!

الإخلاص الذي نعاني من فقدانه في معظم عباداتنا!

الإخلاص الذي هو سر بين العبد، وربه، لا يطلع عليه ملك، فيكتبه، أو شيطان، فيفسده، ولا هوى، فيميله!

وما أجمل قول الحسن البصري عندما كان يعاتب نفسه، ويوبخها بقوله: “تتكلمين بكلام الصالحين القانتين العابدين، وتفعلين فعل الفاسقين المرائين، والله ما هذه صفات المخلصين”[5].

وقال أبو سليمان الداراني: “إذا أخلص العبد، انقطعت عنه كثرة الوساوس، والرياء”[6].

ومن كلام الفضيل -رحمه الله-: ترك العمل من أجل الناس رياء، والعمل من أجل الناس شرك، والإخلاص أن يعافيك الله منهما[7].

يأتي الصيام فينمي فينا حب الإخلاص، ويكون سببًا لخلاصنا، وطهارتنا من الرياء، فعن ابن شهاب عن النبي ﷺ قال: لَيْسَ فِي الصِّيَامِ رِيَاءٌ[8] رواه البيهقي، وقال: هكذا روي بهذا الإسناد منقطعًا.

وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله ﷺ قال: يَتْرُكُ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ وَشَهْوَتَهُ مِنْ أَجْلِى، الصِّيَامُ لي، وَأَنَا أَجْزِى بِهِ[9].

المصدر: صيد الفوائد (بتصرف).

  1. أخرجه البخاري في  كتاب الصوم، باب فضل الصوم برقم (1894) ومسلم في الصيام باب حفظ اللسان للصائم، وباب فضل الصيام برقم (1151).
  2. فتح الباري لابن حجر (4/ 107).
  3. الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف للمرداوي (2/ 163).
  4. صيد الخاطر (ص: 31).
  5. تنبيه المغترين (ص:24).
  6. الرسالة القشيرية (2/ 362).
  7. الرسالة القشيرية (2/ 361).
  8. أخرجه البيهقي في شعب الإيمان برقم (3321).
  9. أخرجه البخاري في كتاب الصوم، باب فضل الصوم برقم (1894) ومسلم في الصيام، باب حفظ اللسان للصائم برقم (1151).

مواد ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضا
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى