هيا بنـا نؤمن ساعة

رمضان أمل المكروب.. وفرحة القلوب

أميمة الجابر

تلك النفوس المكلومة المتألمة، المكروبة، التي لطالما حملت الصرخة في داخلها، ولم تشكُ للناس، بل رفعت يديها لربها راجية آمله..

تلك النفوس التي صبرت على الهم والألم، ولم تجزع، بل احتسبته لله، وفوضت أمرها لله، وانتظرت الفرج..

إنها لتسعد بمجيء رمضانها، وكأنه البلسم الطياب، والدواء الغائب، والضيف العزيز، الذي وإن لم يدخل من الباب فقد دخل روحا وريحانا وبركة وإيمانا على القلوب.

إنها فرحة المكروب إذ فيه يستجاب الدعاء، ذاك الدعاء الذي لطالما رفعه بين أكفه في ظلمات الليل البهيم، ومع كل موقف حزن ومعاناة يمر به، فيفرح آملا أن دعاءه هذا لن يرد مع تلك الايام الفاضلات.

وهو فرحة المكروب إذ القلوب تهدا فيه بكثرة ذكره سبحانه، فيستريح البال وتهدأ النفس أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ [سورة الرعد:28].

وهو فرحة للمكروب إذ تتجدد الأجواء من حوله إلى أجواء خير عميم، فالكل يسابق للخيرات ويتنافس في الصالحات، فالكل يبتغي بلوغ العفو والغفران: سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ [سورة الحديد:21].

وهو فرحة؛ إذ يتجدد فيه الأمل لتفريج الكروب، فإن لم يكن شهر رمضان هو أمل الأيام وخير زمن يرتجى فيه الأمل، فأي شهر يرتجى، وأي زمان؟!

الله سبحانه وعد فيه بالفضل والخير، والجميع ينتظر ذلك الفضل ويشتاق لذلك الخير…

وفيه ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر، يناجي فيها المكروبون ربهم، برجاء العفو والقبول، ويرجون الرضا، وينتظرون الانتصار، إنهم يثقون في ربهم في ليلتهم تلك أن الله لن يضيع لهم أجراً ولا تعباً ولا نداء..

إنها أيام تجمع الشمل المتفرق، وتعيد الروابط المقطوعة، وتلحم المحبة المبتورة..

إنه فرحة وأمل لكل فقير عائل لا يشعر به الناس، ولكل يتيم مقهور لا يعبأ به المجتمع، فتنتبه لهم العيون، وتحن إليهم القلوب، والفائز من وصل إليهم، فهو يعلم أن الصدقة والبر يتضاعفان فيه..

وهو أمل وفرحة لكل عاص مذنب، فقد جاءه رمضان يفتح له ذراعيه ليناديه “جاءكم شهر التوبة والعودة والفرار إلى الله”.

ورمضان فرحة المقصر في حق والديه، فقد جاءته الفرصة لتجمعهما إليه، فيزيد البر، وينيسهما ما كان من تقصير، ويمحو بإصلاحه ما كان من إهمال.

وهو فرحة لكل هاجر للقرآن، فقد جاءه شهر التلاوة والثواب العميم والأجر الجزيل، فالحرف بحسنة والحسنة بعشر أمثالها.

وههنا وقت الإفطار، وقت الدعاء والرجاء، والفرحة التي ذكرها النبي صلى الله عليه وسلم: “للصائم فرحتان: فرحة عند فطرة، وفرحة عند لقائه ربه”.

آمال حقيقية بين أيدينا، تنتظر من يغتنمها، ولا يتركها تتناثر من بين يديه دون اهتمام، فرحة في إطعام الطعام مع صلة الأرحام، والأمل في دخول الجنة بسلام.

المصدر: موقع المسلم.

مواد ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضا
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى