هيا بنـا نؤمن ساعة

الخوف من عاقبة المعصية

المعصية الواحدة قد يغفرها الله لك كما يملك أن يُعذِّبك بها، فاسمع يا مغرورًا بالأماني: لُعِن إبليس وأُهبط من منزل العز بترك سجدة واحدة أُمر بها، وأُخرج آدم من الجنة بلقمة تناولها، وحُجب القاتل عنها (أي: الجنة) بعد أن رآها عيانًا بملء كف من دم، وأُمر بقتل الزاني أشنع القتلات بإيلاج قدر الأنملة فيما لا يحل له، وأمر بإيساع الظهر سياطًا (أي: الجلد) بكلمة قذف أو بقطرة من مسكر، وأبان عضوًا من أعضائه بثلاثة دراهم[1]، فلا تأمنه أن يحبسك في النار بمعصية واحدة من معاصيه وَلَا يَخَافُ عُقْبَاهَا [الشمس:15].

دخلت امرأة النار في هِرَّة[2]، وإن العبد ليتكلم بالكلمة، ما يتبين ما فيها، يهوي بها في النار، أبعد ما بين المشرق والمغرب[3].

تصل الذنوب إلى الذنوب وترتجيدرج الجنان ونيل فوز العابد
ونسيت أن الله أخرج آدمــــــــــــامنها إلى الدنيا بذنب واحد

وقد تنسى ذنبك ولكن الله لا ينسى!!

نموت ونبــــلى غيـــر أنَّ ذنـــــــــــــوبناإذا نحــــــن مِتـــنا لا تموت ولا تَبلى

وإليك هذا الخبر الذي يبعثه لك أبو هريرة (رضي الله عنه) ليبعث- لا الخوف فحسب- بل الرعب في قلبك فتتوقى أشواكًا كانت تعلق بأثوابك من ذي قبل دون أن تلقي لها بالاً، وآن لك بعد قراءة هذه السطور أن تنتبه.

عن أبي هريرة (رضي الله عنه):

فلما انصرفنا مع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إلى وادي القرى ونزلنا بها أصيلاً مع مغرب الشمس، ومع رسول الله غلام له أهداه له رفاعة بن زيد، فوالله إنه ليضع رحل رسول الله إذ أتاه سهم غرب (طائش) فأصابه فقتله. فقلنا: هنيئًا له الجنة. قال: كلا والذي نفسي بيده، إن الشملة التي أصابها يوم خيبر من الغنائم لم تصبها المقاسم لتشتعل عليه نارًا[4].

سبحان الله… هذا رجل رآه الناس من أهل الجنة، وأصبح من خدم رسول الله يراه حيث يقوم ويصوم ويعظ الناس، يصب له ماء الوضوء، ويتبرك بآثار طهوره، ولكن ذلك كله لم يشفع له ومعصية واحدة أدت به إلى النار، ولو كانت شملة من غنيمة لا يؤبه لها.

كلمات تقشعر لها الأبدان، وتهلع لها الأفئدة، ولهذا نوصيك ونقول: احذر معاصيك وتذكر أن أول الغيث قطرة، وإنما السيل اجتماع النقط، وما الكف إلا إصبع وإصبع، ومعظم النار من مستصغر الشرر، وإليك هذه الموعظة البليغة التي نطق بها أبو الفرج ابن الجوزي: “غاب الهدهد عن سليمان ساعة فتواعده، فيا غائبًا عنا طول عمره.. أما تحذر غضبنا، خالف موسى الخضر في طريق الصحبة ثلاث مرات، فحلَّ عقد الوصل بكف: هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ [الكهف:78]، أما تخاف يا من لم يف لنا قط أن نقول في بعض زلاتك: قَالَ هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ[5].

المصدر: طريق الإسلام (من مقال للشيخ خالد شادي).

  1. أي: أن الله أمر بقطع يد السارق بثلاثة دراهم يسرقها.
  2. أخرجه البخاري، برقم (3318)، ومسلم، برقم (2619).
  3. الفوائد ص (83)، والحديث أخرجه البخاري، برقم (6477)، ومسلم، برقم (2988).
  4. أخرجه البخاري، برقم (6707).
  5. المدهش ص (490-491).

مواد ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضا
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى