هيا بنـا نؤمن ساعة

رمضان، وحلاوة الإيمان

د. بدر عبد الحميد هميسة

حلاوة الإيمان في شهر رمضان حلاوة لا يحسها، ولا يدرك كنهها إلا من ذاقها، وعرفها، وكما قيل: “من ذاق عرف” وهي حلاوة يغترف منها العقل، والجَنان، ويعترف بها اللسان، والأركان، قال تعالى: أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ [الزمر: 22]، وعنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: ذَاقَ طَعْمَ الإِيمَانِ مَنْ رَضِىَ بِاللَّهِ رَبًّا، وَبِالإِسْلاَمِ دِينًا، وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولًا[1].

وعَنْ أَنَسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: ثَلاَثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ حَلاَوَةَ الإِيمَانِ: أَنْ يَكُونَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا، وَأَنْ يُحِبَّ المَرْءَ لاَ يُحِبُّهُ إِلَّا لِلَّهِ، وَأَنْ يَكْرَهَ أَنْ يَعُودَ فِي الكُفْرِ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُقْذَفَ فِي النَّارِ[2].

ذكروا أن زوجًا غاضبًا على زوجته، قال لها متوعدًا: والله لأشُقِينَّك. فقالت الزوجة: إنك لا تستطيع أن تشقيني كما أنك لا تملك أن تسعدني، فقال لها: وكيف لا أستطيع؟ فقالت: لو كانت السعاة في مال؛ لقطعته عني، أو في زينة، أو حلي؛ لأخذته مني، ولكنها في شيءٍ لا تملكه أنت، ولا الناس أجمعون، فقال لها في دهشة: وما هو؟ فقالت: إني أجد سعادتي في إيماني، وإيماني في قلبي، وقلبي لا سلطان له عليه غير ربي!

إنها سعادة الإيمان بالله التي وجدها أحد المؤمنين، وصرَّح بها قائلًا: إننا نعيش في سعادة لو علم بها الملوك لجالدونا عليها بالسيوف[3]، وقال آخر: وهو في قمة السعادة الإيمانية التي ملأت عليه أقطار نفسه: إنه لتمر علي ساعات أقول فيها: لو كان أهل الجنة في مثل ما أنا فيه؛ لكانوا في عيش طيب[4]!

ولقد كان مجمع التيمي -رحمه الله- يصوم في الصيف حتى يسقط[5]، وكانت بعض الصالحات تتوخى أشد الأيام حرًّا، فتصومه، فيقــال لها في ذلك، فتقول: إن السعر إذا رخص؛ اشتراه كل أحد[6]. في إشارة إلى أنها لا تؤثر إلا العمل الذي لا يقدر عليه إلا قليل من الناس لشدته عليهم، وهذا من علو الهمة.

المصدر: صيد الفوائد (بتصرف).

  1. أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب ذاق طعم الإيمان من رضي بالله رباً برقم (34).
  2. أخرجه البخاري في كتاب الإيمان، باب حلاوة الإيمان برقم (16) ومسلم في الإيمان، باب بيان خصال من اتصف بهن وجد حلاوة الإيمان برقم (43).
  3. الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي – العلمية (ص: 51).
  4. الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي – العلمية (ص: 51).
  5. لطائف المعارف لابن رجب (ص: 322).
  6. لطائف المعارف لابن رجب (ص: 322).

مواد ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضا
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى