هيا بنـا نؤمن ساعة

كيف تحصل التقوى في رمضان؟

د. شريف فوزي سلطان

قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ [البقرة: 183] هذه هي حكمتُه الكبرى، وتلك هي فائدته العظمى؛ تربية النفس، صلاح القلب، تقوى الله -عز وجل-.

وهنا سؤال: هل كل من صام؛ حصَّل التقوى، وخرج بالمقصود؟

الجواب: لا؛ لأن النبي ﷺ قال: رُبَّ قائمٍ حظُّه من قيامه السَّهَر، ورُبَّ صائمٍ حظُّه من صيامه الجوع، والعطش[1].

ولهذا كان لا بد أن نقف، وقفة لنتعرف: كيف نحصِّل التقوى في رمضان؟

أولًا: لا بد من الاستعداد لرمضان:

لا بد من عقد العزم على تعميره بالطاعات، والتخلص فيه مِن المعاصي، والسيئات، لا بد من الاستعداد للعمل، الاستعداد للبذل، الاستعداد للتضحيَة.

فالنبي ﷺ كان إذا دخل رمضان، أو اقترب دخوله، يقول لأصحابه: قد جاءكم شهر رمضان، شهر مبارك، كتب الله عليكم صيامه، فيه تُفتَح أبواب الجنة، وتُغلَق أبواب الجحيم، وتُغَلُّ فيه الشياطين، فيه ليلة خيرٌ من ألف شهر، مَن حُرم خيرَها فقد حُرِمَ[2].

ثانيًا: استحضر ثواب الصيام:

إن استحضار ثواب الصيام مما يُعِين العبد على صدقه، وإخلاصه، ومن ثَم تحصيل التقوى، ولهذا قال النبي ﷺ: من صام رمضان إيمانًا، واحتسابًا؛ غُفِر له ما تقدم من ذنبه[3].

ثالثًا: صُمْ عن الحرام قبل صومك عن الحلال:

فكما صمت عن الطعام والشراب الحلالينِ، ينبغي قبل ذلك أن تصوم عن الحرام، ولهذا شُرع الصيام؛ يقول -عليه الصلاة والسلام-: مَن لم يدَعْ قول الوزر، والعملَ به، فليس لله حاجةٌ في أن يدَعَ طعامَه، وشرابه[4].

قال جابر: “إذا صُمْتَ؛ فليصُمْ سمعك، وبصرك، ولسانك عن الكذب، وليكن عليك سكينة، ووقار يوم صومك، ولا تجعَلْ يوم صومك، ويوم فِطرك سواءً”[5].

رابعًا: عِش مع القرآن:

فرمضان شهر القرآن؛ قال تعالى: شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ [البقرة: 185].

وكان جبريلُ ينزل على النبي ﷺ كل ليلة في رمضان، يدارسه النبي القرآن، فينبغي للمؤمن أن يكثر من القراءة في رمضان، مع التدبر المستطاع؛ فإن ذلك مِن أعظم ما يُحصِّل التقوى في القلوب.

خامسًا: لا تفرِّطْ في القيام:

قيام الليل شرف المؤمن: هذا ما تنزَّل به أمين السماء جبريلُ على أمين الأرض محمد ﷺ حيث قال: يا محمد، عِشْ ما شئت؛ فإنك ميت، وأحبِبْ مَن شئت؛ فإنك مفارقه، واعمَلْ ما شئت؛ فإنك مَجْزِيٌّ به، واعلم أن شرف المؤمن قيامُه بالليل، وعِزَّه استغناؤُه عن الناس[6].

المصدر: شبكة الألوكة (بتصرف).

  1. أخرجه البيهقي في شعب الإيمان برقم (3369) وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم (3490).
  2. أخرجه أحمد ط الرسالة برقم (7148) والنسائي في كتاب الصيام، ذكر الاختلاف على معمر فيه برقم (2106) وصححه الألباني.
  3. أخرجه البخاري في كتاب الإيمان، باب صوم رمضان احتساباً من الإيمان برقم (38) ومسلم في صلاة المسافرين وقصرها، باب الترغيب في قيام رمضان برقم (759).
  4. أخرجه البخاري في كتاب الصوم، باب من لم يدع قول الزور، والعمل به في الصوم برقم (1903).
  5. لطائف المعارف لابن رجب (ص: 155).
  6. أخرجه ابن عساكر في معجمه برقم (619) وحلية الأولياء وطبقات الأصفياء (3/ 253) وحسنه الألباني في صحيح الجامع برقم (73).

مواد ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضا
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى