هيا بنـا نؤمن ساعة

دعاء الأسحار يا من أدرك رمضان

شهر رمضان هو شهر مبارك، يغدق فيه على أهل الإيمان بالفضائل، والمكرمات، ليتنافس فيه أهل الطاعات، والقربات، ويعزمون فيه على فعل كل رشيد، فترى الكثير من المسلمين ممن يصوم نهار رمضان؛ يجتهد فيه بالطاعات، فحينًا ترى تاليًا للقرآن، وحينًا ذاكرًا لله -عز وجل– يدعوه، ويستغفره، وتارة في بر، وفعل للخير، والسعي لتفطير الصائمين إذا اقترب موعد الإفطار.
وكل هذا من توفيق الله -تعالى- لهذا العبد، وهو علامة على إيمانه وصلاحه، لكن العجب كل العجب أن مثل هذه المظاهر من الأعمال الصالحة تتلاشى كلما اشتدت الظلمة، وأرخى الليل سدوله، فتجد الحريص هو من يصلي بعد العشاء التراويح، ثم ماذا؟ هذا هو السؤال الذي نريد أن نقف معه قليلًا في هذا المقام.
فمن المسلمين من يقطعون ليالي رمضان بالسهر القاتل الذي كثر فيه الكلام عن الدنيا، والحديث عن العادات، والتقاليد، وذكر فلان، وعلان، والله يقول: اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ [العنكبوت:45].
إن الساعات المتأخرة من الليل هي ساعات مخصوصة بفضائل عظيمة في كل وقت من العام، فكيف إذا كانت في رمضان، فهي ساعات النزول الإلهي كما يقول النبي -ﷺ- فيما عند البخاري، ومسلم من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-: ينزل ربنا – تبارك وتعالى – كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر، يقول: من يدعوني فأستجيب له، من يسألني فأعطيه، من يستغفرني فأغفر له [رواه البخاري:1145، مسلم:758].
إنها ساعات استجابة الدعاء، ساعات الأعطيات، والمغفرة من رب البريات، إنها ساعات الأسحار.
الساعات التي علمها المتقون فبادروا إليها: كَانُوا قَلِيلًا مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ ۝ وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ [الذاريات:17، 18]. فأين أصحاب الحاجات؟ وأين أصحاب الأمراض، والأسقام؟ أين التائبون؟ وأصحاب الديون؟ ألا يستيقظون، ألا لمثل هذه الساعات يتنبهون!

لبست ثوب الرجا والناس قد رقدواوقمت أشكو إلى مولاي ما أجد
وقلت يا عُدتي في كل نائبةومن عليه لكشف الضـر أعتمد
أشكو إليك أمورًا أنت تعلمهاما لي على حملها صبرٌ ولا جلدُ

جاء عن جابر -رضي الله عنه- قال سمعت النبي -ﷺ- يقول: إن في الليل لساعة لا يوافقها رجل مسلم يسأل الله خيرًا من أمر الدنيا، والآخرة إلا أعطاه إياه، وذلك كل ليلة [رواه مسلم:757].
ألم يقل الله – جل شأنه – في كتابه الكريم بين آيات الصيام: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ[البقرة:186].
اللهم يا مجيب الدعاء استجب دعاءنا، وتقبل أعمالنا، وبارك لنا في أعمارنا، ووفقنا لدعوة مستجابة تغفر بها ذنوبنا، وتصلح بها قلوبنا، وتقضي بها ديوننا .. اللهم آمين.

الناشر: أسرة تحرير “رمضانيات”

المصدر: موقع رمضانيات

مواد ذات صلة

اقرأ أيضا
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى