هيا بنـا نؤمن ساعة

الارتقاء بالعبادات في شهر الخيرات

محمد أحمد الخولي

ما أجمل رمضان! وما أجمل العبادات في رمضان! وما أجمل الصلاة! وما أجمل الصيام! وما أجمل القرآن! إن العبادات في رمضان لها خشوعها، وروحانيَّتها الخاصة التي تُميِّزها عن سائر الشهور، ولِمَ لا؟! وهو خير شهور العام، وفيه أُنزل القرآن، وفُرضت فيه عبادة الصيام.

فينبغي علينا، ونحن مقبلون على هذا الشهر أن تكون لنا وقفة مع بعض العبادات التي يُداوم عليها المسلمون في رمضان، وذلك للارتقاء بها، والقيام بها على الوجه الأمثل.

فوقفتُنا الأولى مع الصلاة: فالصلاة عماد الدين، ورُكنه الركين، ومع ذلك فقد غفَل كثيرٌ من المسلمين عن مكانتها، وصارت صلاتهم مجرد طقوس وحركاتٍ، بلا خشوعٍ ولا روحانيَّات، ونسِي هؤلاء، أو تناسوا أن الخشوع رُوح الصلاة، وأن صلاةً بلا خشوعٍ كجسدٍ بلا رُوحٍ؛ فعندما رأى النبي ﷺ رجلًا يصلي بلا طمأنينةٍ، ولا خشوعٍ، أمَرَهُ بإعادة الصلاة.

فهذا الحديث يحتاج منا أن نقفَ معه، وأن ننظر في صلاتنا لا سيما ونحن مقبلون على رمضان، هل إذا رآها النبي ﷺ سيأمرُنا بإعادتها، أو لا؟! وهل إذا صَعِدَتْ إلى الله -عز وجل- سيَقبَلُها، أو لا؟!

أما وقفتنا الثانية فمع الصيام: فالصيام من أجَلِّ العبادات وأحبها إلى الله، وأعظمها أجرًا وفضلًا، فعن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((كلُّ عَمَلِ ابنِ آدَمَ له إلَّا الصَّوْمَ، فإنَّه لي، وأنا أجْزِي به، ولَخُلُوفُ فَمِ الصائم أطيبُ عند اللهِ من رِيحِ المسْكِ))؛ رواه البخاري.

ولكن علينا أن نحذر أن يكون صيامُنا بلا أجرٍ: فقد رُوِي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((رُبَّ صائمٍ ليس له من صيامِه إلا الجوع))؛ رواه النسائي، ورُوِي كذلك عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((مَنْ لم يَدَعْ قولَ الزُّورِ والعملَ به، فليس لله حاجة في أن يَدَعَ طعامَه وشرابَه))؛ رواه البخاري.

يقول الطيبي رحمه الله: فإن الصائم إذا لم يكن محتسِبًا أو لم يكن مجتنبًا عن الفواحش من الزُّور والبُهْتان والغِيبة ونحوها من المناهي، فلا حاصلَ له إلا الجوعُ والعطش. [مرقاة المفاتيح : 4/ 1398].

وأما الوقفة الثالثة فمع القرآن: فشهر رمضان شهرٌ نزل فيه القرآن، وكان جبريل عليه السلام يُدارس النبي صلى الله عليه وسلم كل عام في رمضان؛ لذلك يمكن أن نقول: إن الانشغال بالقرآن تلاوةً وسماعًا من أعظم الأعمال بعد القيام بالصلاة والصيام، ولقد شعَر الصحابة والسلف رضوان الله عليهم بذلك الأمر، فكان جُلُّ وقتِهم يقضونه مع كتاب الله تلاوةً ومُدارسةً.

فقد كانت عائشة رضي الله عنها في شهر رمضان تقرأ في القرآن أول النهار، فإذا طلعت الشمس نامت، وكان قتادة رضي الله عنه يدرس القرآن في شهر رمضان، وكان الزُّهْري إذا دخل رمضان قال: فإنما هو تلاوة القرآن، وإطعام الطعام، وكان سفيان الثوري إذا دخل رمضان ترك جميع العبادة وأقبل على قراءة القرآن، والإمام البخاري رحمه الله كان يختم في رمضان في النهار كلَّ يوم خَتْمةً، ويقوم بعد التراويح كل ثلاث ليال بختمة.

وفي النهاية عزيزي القارئ هذه مجرد وَقَفات سريعة للارتقاء بشيء من العبادات التي يداوم عليها المسلم في شهر رمضان المبارك، وذلك بهدف تحقيقها على الصورة التي يُحبُّها الله ورسوله؛ ليكتب لها القبول، وينال العبد بها الأجر المأمول، وصلِّ اللهم وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

المصدر: شبكة الألوكة

مواد ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضا
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى