هيا بنـا نؤمن ساعة

تفقد قلبك

إن مما يرقق القلوب أيها الأحبة ما يلي:

تدبر أحوال الناس يوم الفزع الأكبر، وما هم فيه من الكرب العظيم: قال تعالى: يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ ۝ يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ [الحج:1-2]، وقال – عز وجل-: إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِمَنْ خَافَ عَذَابَ الْآخِرَةِ ذَلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَذَلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ [هود:103].

سماع المواعظ المؤثرة والمحاضرات المرققة للقلب: عن العرباض بن سارية ، وهو أحد البكّائين، قال: “وَعَظَنا رسول الله ﷺ موعظةً بليغةً ذرفت منها العيون، ووجلت منها القلوب”[1].

كثرة ذكر الله: فكثرة الذكر تبعث على استحضار جلال الله وعظمته ومراقبته ومحبته والحياء منه، وكل ذلك يبعث على خشيته والخوف منه ومن عذابه ومن حرمانه.

الخوف من مباغتة العقوبة، وعدم الإمهال والتمكن من التوبة: قال ابن القيم رحمه الله: “ينشأ -يعني الخوف- من ثلاثة أُمور:

أحدها: معرفته بالجناية وقبحها.

والثاني: تصديق الوعيد، وأن الله رتب على المعصية عقوبتها.

والثالث: أنه لا يعلم لعله يمنع من التوبة، ويحال بينه وبينها إذا ارتكب الذنب. فبهذه الأمور الثلاثة يتم له الخوف، وبحسب قوتها وضعفها: تكون قوة الخوف وضعفه، فإن الحامل على الذنب إما أن يكون عدم علمه بقبحه، وإما عدم علمه بسوءِ عاقبته، وإما أن يجتمع له الأمران لكن يحمله عليه اتكاله على التوبة، وهو الغالب من ذنوب أهل الإيمان، فإذا علم قبح الذنب، وعلم سوءَ مغبته وخاف أن لا يفتح له باب التوبة، بل يمنعها ويحال بينه وبينها: اشتد خوفه.  هذا قبل الذنب؛ فإذا عمله: كان خوفه أشد. وبالجملة فمن استقر في قلبه ذكر الدار الآخرة وجزائها، وذكر المعصية والتوعد عليها، وعدم الوثوق بإتيانه بالتوبة النصوح: هاج في قلبه من الخوف ما لا يملكه ولا يفارقه حتى ينجو”[2].

المصدر: موقع طريق الإسلام (من مقال: الخوف من الله تعالى).

  1. رواه أبو داود، برقم (4607)، والترمذي، برقم (2676)، وابن ماجه، برقم (42)، وصححه الألباني في مشكاة المصابيح، برقم (165)، وفي إرواء الغليل، برقم (2455).
  2. طريق الهجرتين (ص:283).

مواد ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضا
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى