هيا بنـا نؤمن ساعة

انطلق من رمضان

ما من مسلم صادق الإيمان إلا ويريد أن ينطلق إلى الخير، وأن يفارق حياة المعاصي، وساعات الذنوب، لكن ليس كل أحد يستطيع ذلك، فالنفس تتعذر بالبيئة، وأحيانًا بالرفقة، وثالثة بالزمان أو المكان، إلى غير ذلك من المعاذير التي تفر بها من الله تعالى، وتحسب أنها ناجية بذلك، وتنزُّلًا مع هذه النفس، ونظرًا في معاذيرها السالفة الذكر، نقول لها: كيف إذا ذهب كل ذلك؟ كيف إذا كان المجتمع كله متلبس بالطاعة؟ كيف إذا كثر الصالحون؟ كيف إذا رقت القلوب، وتزين الزمان بالرحمات؟ كيف إذا انتشرت رياح التوبة في الأفاق تتسلل إلى قلوب الصائمين؟ كيف إذا فتحت أبواب الجنة لتقول للمتقين: هلمُّوا؟ كيف إذا غلقت أبواب النار لتقول للمسرفين: كفُّوا؟ كيف إذا قُيِّد دعاة جهنم من الشياطين ومردة الجن؟ كيف إذا نادى منادٍ لكل من ألقى السمع وهو شهيد: يا باغي الخير أقبل، ويا باغي الشر أقصر.
أخي الحبيب: إن الفرص تأتي لكنها قد لا تعود، وهي لا تنتظرك، ورمضان كما قال الله في كتابه الكريم: أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ [البقرة:184].

بادر الفرصة واحذر فوتهافبلوغ العز في نيل الفرص
واغتنم عمرك إبان الصبافهو إن زاد مع العمر نقص
وابتدر مسعاك واعلم أن منبادر الصيد مع الفجر قنص

ها هو رمضان فرصة للتغيير، فرصة لا نملك مثلها كثيرًا، وهي تصلح لأن تكون نقطة انطلاقة جديدة! فربما تفتح مشروعًا تجاريًّا هائلًا مع الله تعالى سببه دعوة رمضانية، أو لربما تنفتح أبواب قلبك المغلقة نحو فضاء الإيمان بدمعة صادقة في جوف ليل، أو لعلك أن تنقذ نفسك من الجحيم بصدقة خفية قدمتها يداك!
آلاف الصور المليئة بالخيرات الدنيوية والأخروية تنتظرنا هناك في رمضان! تحتاج إلى قرار فقط، قرار بالتغيير! وفقنا الله وإياكم لنيل خير هذا الضيف الكريم.
نعيش في رمضان أجواء رائعة هي فرصة يسوقها الله إلينا كل عام لنعيد برمجة أنفسنا ايجابيًّا، وسط هذه الأجواء المفعمة بالنقاء والصفاء الروحي، وبما أن معظمنا قد تغيرت عاداته خلال رمضان؛ فإن الفرصة كبيرة جدًا في تغيير العادات الضارة، وذلك بأن يبدأ بتأسيس عادات جديدة إيجابية، دون أن يترك الفرصة للعادات السيئة بإعادة غرس نفسها من جديد! هذا إلى جانب أن الصوم هو نفسه بيئة خصبة جدًا للتغيير؛ لما يحوي من شفافية وسمو روحي لاكتساب عادات إيجابية جديدة.
ولابد أن تعلم – أيها الأخ في الله – أنك لا تستطيع إزالة أي عادة غير مرغوبة إلا بزرع عادة مرغوبة بدلًا عنها، فلا يكفي أن يقلل الشخص من التدخين مثلًا، بل لا بد من إحلال عادات إيجابية أخرى تساعد على الرغبة في التقليل من التدخين.
وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه.

الناشر: أسرة تحرير “رمضانيات”

المصدر: موقع رمضانيات

مواد ذات صلة

اقرأ أيضا
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى