هيا بنـا نؤمن ساعة
علامات صدق التائب
لا يُعتبر مجرد التلفظ بالتوبة دليلاً على الصدق فيها، ما لم يأتِ التائب بعلامات تكون ترجمة عملية للتوبة، وبما يحقق وجودها الفعلي الذي ترجى معه المغفرة والقبول، فمن قال: قد تبتُ لا يُجتزأ بقوله، حتى ينضاف إلى ذلك أفعاله المحققة للتوبة.
ومن العلامات الدالة على صدق التائب:
- الإقلاع الفعلي عن الذنب، والأخذ في مقابله أعمال الطاعة، وهذا دليل حساسية القلب، وشعوره بالإثم، ورغبته في التوبة.
- العزم والقصد لتدارك ما فات، وإصلاح ما يأتي، فإن كان الماضي تفريطاً في عبادة قضاها، أو مظلمة أدَّاها، أو خطيئة لا توجب غرامة حزن إذ تعاطاها، وهذا دليل على تعظيم الله في قلبه، واشتداد خوفه منه، ورجائه إياه، وطمعه فيما عنده.
- أنْ تضيق الأرض عليه كما ضاقت على كعب بن مالك وصاحبيه، فيستولي عليه الحزن والبكاء، فيشغله عن اللهو والضحك.
- أن يكون حاله بعد التوبة خيراً مما كان قبلها؛ قال تعالى: فَتَلَقَّى آَدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ [البقرة:37].
- أن لا يأمن مكر الله طرفة عين؛ قال تعالى: وَالَّذِينَ هُمْ مِنْ عَذَابِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ إِنَّ عَذَابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ [المعارج:27، 28]، فيصحبه الخوف طيلة حياته، ويستمر على ذلك حتى يسمع قول الرسل لقبض روحه: إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ [فصلت:30].
- أن يتألم ويندم ويأسف على ما فرط منه، وخوفاً من سوء عاقبته.
- أن يذكر دائماً سرعة لقاء ربه، ويترقب في كل لحظة نزول الموت به، وأنه أقرب إليه من شراك نعله، قال رسول الله -ﷺ-: الجنة أقرب إلى أحدكم من شراك نعله، والنار مثل ذلك [البخاري (6123)].
- ومن أقوى علامات صدقه في التوبة: محبة الله ورسوله، ومحبة المؤمنين فيه، والإتيان من العمل بما تقتضيه هذه المحبة.
الناشر: د. صالح بن غانم السدلان
المصدر: من كتاب: التوبة إلى الله