أحكام رمضانية

هل تجب كفارة الجماع في نهار رمضان على المرأة أيضًا؟

السؤال:

مَن جامعها زوجها في نهار رمضان هل تلزمها الكفارة؟

الجواب:

الحمد لله.

الجماع في نهار رمضان من أعظم مُفسدات الصوم، وقد سبق بيان ذلك في جواب السؤال رقم (38023).

ومَن جامعها زوجها في نهار رمضان لا تخلو من حالين:

الحال الأولى: أن تكون المرأة حال الجماع معذورةً بإكراهٍ، أو نسيانٍ، أو جهلٍ بتحريم الجماع في نهار رمضان؛ ففي هذه الحال صومها صحيحٌ، ولا يلزمها القضاء ولا الكفارة، وهي روايةٌ عن الإمام أحمد، واختارها شيخ الإسلام، واختارها من المعاصرين: الشيخ ابن باز، وابن عثيمين رحمهم الله.

واستدلوا بأدلةٍ، منها:

  1. قوله تعالى: رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا [البقرة:286].
  2. عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي ﷺ: مَن أكل ناسيًا وهو صائمٌ فَلْيُتِمَّ صومَه، فإنما أطعمه الله وسقاه[1]، قالوا: والجماع وسائر المُفطرات تُقاس على الأكل والشُّرب.
  3. عن أبي ذَرٍّ الغفاري رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: إن الله تجاوز عن أُمَّتي الخطأَ والنِّسيانَ وما اسْتُكْرِهوا عليه[2].

وقد سُئل الشيخ ابن باز رحمه الله عمَّن جامع امرأته وهي غير راضيةٍ، فأجاب: “أما المرأة فإن كانت مُكرهةً فلا شيء عليها، وصومها صحيحٌ” انتهى[3].

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في “الشرح الممتع” عن حكم الجماع في نهار رمضان: “إذا كانت المرأة معذورةً بجهلٍ، أو نسيانٍ، أو إكراهٍ؛ فليس عليها قضاءٌ ولا كفارةٌ” انتهى[4].

الحال الثانية: أن تكون المرأة غير معذورةٍ، بل مُطاوعةٌ لزوجها في الجماع، ففي وجوب الكفارة عليها في هذه الحال خلافٌ بين العلماء على قولين:

القول الأول: أنه يجب عليها القضاء والكفارة إذا كانت مُطاوعةً، وهو مذهب جمهور العلماء، واستدلوا بـ:

  1. ما ثبت في الصحيحين: أن النبي ﷺ أمر الرجل الذي جامع امرأته في نهار رمضان بالكفارة، والأصل تساوي الرجل والمرأة في الأحكام إلا ما استثناه الشارع الحكيم بالنَّص عليه.
  2. ولأنها هَتَكَتْ صوم رمضان بالجماع، فوجبتْ عليها الكفارة كالرجل.
  3. ولأنها عقوبةٌ تتعلق بالجماع، فاستوى فيها الرجل والمرأة، كحدِّ الزنا.

قال البهوتي رحمه الله في “شرح مُنتهى الإرادات”: “وامرأةٌ طاوعتْ غير جاهلةٍ الحكم، أو غير ناسيةٍ الصوم؛ كرجلٍ في وجوب القضاء والكفارة؛ لأنها هَتَكَتْ حُرْمَةَ صوم رمضان بالجماع مُطاوعةً، فأَشْبَهَت الرجل” انتهى[5].

القول الثاني: أن الكفارة تلزم الزوج خاصةً عن نفسه فقط، ولا شيء على المرأة، سواءٌ كانت مُكرهةً أو مُطاوعةً، وهو مذهب الشافعية، وروايةٌ عن الإمام أحمد. واستدلوا بأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر الرجل بالكفارة، ولم يذكر على المرأة كفارةً، قالوا: وتأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز. وأُجيب عن هذا بأن عدم ذكر الكفارة بالنسبة للمرأة؛ لأن الرجل هو المُستفتي عن نفسه، والمرأة لم تَسْتَفْتِ، وحالها تحتمل أن تكون معذورةً بجهلٍ أو إكراهٍ.

والراجح: وجوب الكفارة على المرأة كما تجب على الرجل، وقد اختار هذا القول الشيخ عبدالعزيز ابن باز، والشيخ ابن عثيمين رحمهما الله[6]. والله أعلم.

المصدر: الإسلام سؤالٌ وجوابٌ.

  1. رواه البخاري (6669)، ومسلم (1155).
  2. رواه ابن ماجه (2043)، وصححه الألباني.
  3. “مجموع فتاوى ابن باز” (15/ 310).
  4. “الشرح الممتع” (6/ 401).
  5.  “شرح منتهى الإرادات” (1/ 485).
  6. انظر: “مجموع فتاوى ابن باز” (15/ 307)، و”الشرح الممتع” لابن عثيمين (6/ 402).

مواد ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضا
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى