هل الأفضل إخراج الزكاة في رمضان؟
السؤال:
سمعتُ أن إخراج الزكاة في رمضان أفضل من إخراجها في غيره من الأشهر. فهل هذا صحيحٌ؟ وما الدليل على ذلك؟
علمًا بأن وقت إخراج الزكاة الأصلي قد يكون قبل رمضان أو بعده.
الجواب:
الحمد لله.
أولًا: الزكاة إذا حال عليها الحول وجب إخراجها إلا أن تكون زكاة زروعٍ فيجب إخراجها يوم الحصاد؛ لقوله تعالى: وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ [الأنعام:141].
ويجب إخراجها أوَّلَ ما يَحُول الحَوْلُ؛ لقوله تعالى: سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ [الحديد:21].
قال ابن بطال: “إن الخير ينبغي أن يُبادَر به، فإن الآفات تَعْرِض، والموانع تمنع، والموت لا يُؤْمَن، والتَّسويف غير محمودٍ”.
قال ابن حجر: “زاد غيره: وهو أخلص للذمة، وأنفى للحاجة، وأبعد من المَطْل المذموم، وأرضى للربِّ، وأمحى للذنب”[1].
ثانيًا: لا يجوز تأخير الزكاة بعد حلول موعدها إلا لعذرٍ.
ثالثًا: يجوز إخراج الزكاة قبل انتهاء الحول بطريق التَّعجيل.
وتعجيل الزكاة: أداؤها قبل موعدها بحولين فأقلَّ؛ عن عليٍّ: أن النبي ﷺ تعجَّل من العباس صدقة سنتين[2].
وفي روايةٍ عن عليٍّ: أن العباس سأل رسول الله ﷺ في تعجيل صدقته قبل أن تحلَّ فرخَّص له في ذلك[3].
رابعًا: الصدقة والإحسان إلى الناس بالمال في رمضان أفضل من غيره من الشهور؛ عن ابن عباسٍ قال: “كان رسول الله ﷺ أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل، وكان يلقاه في كل ليلةٍ من رمضان فيُدَارِسُه القرآن، فَلَرَسُولُ الله ﷺ أجودُ بالخير من الريح المُرْسَلة”[4].
قال النووي: “وفي هذا الحديث فوائد، منها: استحباب إكثار الجُود في رمضان”[5].
فمَن كانت زكاته في رمضان، أو بعد رمضان؛ لكنه أخرجها في رمضان مُتعجلًا لِيُدرك فضيلة الزكاة في رمضان؛ فإن هذا لا بأس به.
أما إن كانت زكاته تجب قبل رمضان -كشهر رجب مثلًا- فأخَّرها حتى يُخرجها في رمضان، فإن هذا لا يجوز؛ لأنه لا يجوز تأخير الزكاة عن وقتها إلا لعذرٍ.
خامسًا: قد يعرض من الأسباب ما يجعل إخراج الزكاة في غير رمضان أفضل من إخراجها في رمضان؛ كما لو حدثتْ كارثةٌ عامَّةٌ، أو مجاعةٌ في بعض بلاد المسلمين؛ كان إخراج الزكاة في هذا الوقت أفضل من كونها في رمضان.
وكما لو كان كثيرٌ من الناس يُخرجون زكاتهم في رمضان؛ فتسدُّ حاجات الفقراء، ثم لا يجد الفقراء مَن يُعطيهم في غير رمضان؛ فهنا إخراجها في غير رمضان أفضل ولو أدَّى ذلك إلى تأخير الزكاة عن وقتها؛ مُراعاةً لمصلحة الفقراء.
سادسًا: قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى: “يجوز تأخير الزكاة لمصلحة الفقراء لا للضرر بهم؛ فمثلًا: عندنا في رمضان يَكثُر إخراج الزكاة، ويغتني الفقراء أو أكثرهم، لكن في أيام الشتاء التي لا تُوافق رمضان يكونون أشدَّ حاجةً ويقلُّ مَن يُخرج الزكاة؛ فهنا يجوز تأخيرها؛ لأن في ذلك مصلحةً لمَن يستحقُّها”[6].
والله أعلم.
المصدر: الإسلام سؤالٌ وجوابٌ.
- “فتح الباري” (3/ 299).
- رواه أبو عبيد القاسم بن سلَّام في “الأموال” (1886)، وحسنه الألباني في “الإرواء” (857).
- رواه أحمد (822)، وأبو داود (1624)، والترمذي (678)، وحسنه الألباني.
- رواه البخاري (6)، ومسلم (2308).
- “المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج للنووي” (15/ 69).
- “الشرح الممتع” (6/ 189).