ليلة القدر
قال تعالى: إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ [القدر:1-5].
إن بلوغ ليلة القدر ليس من ضربات الحظ، ولا من مصادفات الزمان؛ ولكنها منحة وجائزة وهبة من الله تعالى، يهبها لمن عاش الشهر مُشمراً عن ساعديه، ومستغرقاً في صنوف الطاعات، ويقظاً كل اليقظة ألَّا يقع في المنهيات.
إن ليلة القدر نزل فيها كتاب ذو قدْر، بواسطة ملك ذي قدْر، على رسول ذي قدْر، لأمَّةٍ ذات قدر، ولا يهب الله تعالى فضلها إلا لمن كان عند الله تعالى ذا قدْر.
عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -ﷺ- قال: من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً، غُفِرَ له ما تقدم من ذنبه [صحيح البخاري (1901) ومسلم (760) واللفظ للبخاري].
قال سفيان الثوري -رحمه الله-: "بلغني عن مجاهد: ليلة القدر خير من ألف شهر، قال: عملها وصيامها وقيامها خير من ألف شهر" [تفسير الطبري (24/ 533)].
وعن قتادة: "خير من ألف شهر ليس فيها ليلة القدر" [تفسير الطبري (24/ 533)].
"وقال الشافعي في القديم: استحب أن يكون اجتهاده في نهارها كاجتهاده في ليلها، وهذا يقتضي استحباب الاجتهاد في جميع زمان العشر الأواخر ليله ونهاره" [لطائف المعارف لابن رجب (ص:204)].
وقال سفيان الثوري: "الدعاء في تلك الليلة أحب إليَّ من الصلاة" [لطائف المعارف لابن رجب (ص:204)].
وعن جابر بن عبد الله أن رسول الله -ﷺ- قال: إني رأيتُ ليلة القدر، فأُنسيتها، وهي في العشر الأواخر من لياليها، وهي طلقة بلجة، لا حارة ولا باردة، كأن فيها قمراً، لا يخرج شيطانها حتى يضيء فجرها ومعنى: بلجة: أي واضحة ظاهرة [صحيح ابن حبان (3688) وقال الألباني في التعليقات الحسان على صحيح ابن حبان (5/ 445-3680): "صحيح لغيره"].
نسأل الله -عز وجل- في عليائه أن يجعلنا وإياكم من أهلها، ومن شهودها، وأن يتقبل فيها دعاءنا، وأن يبدل فيها أحوالنا، وأحوال أمتنا بهلاك أعدائنا، وأن يجعلهم الله تعالى عِبرة لكل مُعتبر، إنه ولي ذلك، والقادر عليه.
الناشر: شبكة الألوكة
المصدر: شبكة الألوكة