لا حرج في قضاء رمضان في النصف الثاني من شعبان
السؤال:
كانت عليَّ أيامٌ كثيرةٌ من صيام رمضان بسبب الحمل والولادة التي صادفت أيام رمضان المبارك، وقد قضيتُها -ولله الحمد- باستثناء آخر سبعة أيامٍ، وقد صمتُ ثلاثةً منها بعد نصف شعبان، وأريد أن أُكمل الباقي قبل رمضان.
وقد قرأتُ على موقعكم أن صيام النصف الثاني لا يجوز إلا للشخص المُعتاد على الصيام.
أفيدوني، أفادكم الله؛ حيث إنني أريد أن أعرف: هل أُتمُّ صيام الأيام التي عليَّ أم لا؟
وإذا كان الجواب: لا، فما حكم الأيام الثلاثة التي صمتُها؟ هل عليَّ قضاؤها مرةً أخرى أم لا؟
الجواب:
الحمد لله.
ثبت عن النبي ﷺ أنه قال: إذا انْتَصَفَ شعبان فلا تصوموا[1].
وهذا النهي يُستثنى منه:
- مَن له عادةٌ بالصيام: كرجلٍ اعتاد صوم يومي الاثنين والخميس، فإنه يصومها ولو بعد النصف من شعبان؛ ودليل هذا قوله ﷺ: لا تَقَدَّمُوا رمضان بصوم يومٍ ولا يومين إلا رجلٌ كان يصوم صومًا فَلْيَصُمْه[2].
- مَن بدأ بالصيام قبل نصف شعبان، فوصل ما بعد النصف بما قبله، فهذا لا يشمله النهي أيضًا، ودليل هذا قول عائشة رضي الله عنها: “كان رسول الله ﷺ يصوم شعبان كله، يصوم شعبان إلا قليلًا”[3]. قال النووي: “قولها: «كان يصوم شعبان كله، كان يصومه إلا قليلًا» الثاني تفسيرٌ للأول، وبيان أن قولها «كله» أي: غالبه”. اهـ[4]. فهذا الحديث يدل على جواز الصيام بعد نصف شعبان، ولكن لمَن وصله بما قبل النصف.
- ويُستثنى من هذا النهي أيضًا: مَن يصوم قضاء رمضان، قال النووي رحمه الله: “قال أصحابنا: لا يصحُّ صوم يوم الشَّك عن رمضان بلا خلافٍ … فإنْ صامه عن قضاءٍ أو نذرٍ أو كفَّارةٍ أَجْزَأَه …؛ لأنه إذا جاز أنْ يصوم فيه تطوُّعًا له سببٌ فالفرض أولى …؛ ولأنه إذا كان عليه قضاءُ يومٍ من رمضان فقد تعيَّن عليه؛ لأن وقت قضائه قد ضاق”. اهـ[5].
ويوم الشَّك هو يوم الثلاثين من شعبان إذا حال دون رؤية الهلال ليلة الثلاثين غيمٌ أو غبارٌ أو نحو ذلك، وسُمي “يوم الشك” لأنه مشكوكٌ فيه: هل هو آخر يومٍ من شعبان، أو أول يومٍ من رمضان؟
وخلاصة الجواب:
لا حرج في قضاء رمضان في النصف الثاني من شعبان، وهذا لا يشمله نهي النبي ﷺ عن الصيام إذا انتصف شعبان، فصيامكِ الأيامَ الثلاثةَ صحيحٌ، وعليكِ بصيام الأيام المُتبقية قبل دخول رمضان.
والله تعالى أعلم.
المصدر: الإسلام سؤالٌ وجوابٌ.
- رواه أبو داود (2337)، والترمذي (738)، وصححه الألباني.
- رواه البخاري (1914)، ومسلم (1082).
- رواه البخاري (1970)، ومسلم (1156)، واللفظ لمسلمٍ.
- “المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج” للنووي (8/ 37).
- “المجموع شرح المهذب” للنووي (6/ 399- 400).