كيف تقع المعاصي في رمضان مع أن الشياطين مُقيدةٌ بالسلاسل؟
السؤال:
سمعتُ من الإمام أن الشيطان غير موجودٍ في شهر رمضان، فإذا كان كلامه صحيحًا فلماذا يصعب على المسلمين ترك المعاصي في شهر رمضان؟
الجواب:
الحمد لله.
أولًا: القول بأن الشيطان غير موجودٍ في رمضان غير صحيحٍ، والذي ثبت عن النبي ﷺ أن الشياطين تُسلسل وتُقيد في رمضان.
روى البخاري ومسلمٌ عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله ﷺ قال: إذا جاء رمضان فُتِّحَتْ أبواب الجنة، وغُلِّقَتْ أبواب النار، وسُلْسِلَت الشياطين[1].
راجع السؤال رقم (39736).
ثانيًا: قال القرطبي: “فإن قيل: كيف نرى الشُّرور والمعاصي واقعةً في رمضان كثيرًا، فلو صُفِّدَت الشياطين -أي: سُلْسِلَتْ- لم يقع ذلك؟
فالجواب: أنها إنما تَقِلُّ عن الصائمين الصومَ الذي حُوفِظَ على شروطه ورُوعِيَتْ آدابه، أو المُصَفَّد بعض الشياطين، وهم المَرَدَة، لا كلهم، كما تقدم في بعض الروايات.
أو المقصود تقليل الشُّرور فيه، وهذا أمرٌ محسوسٌ، فإنَّ وقوعَ ذلك فيه أقلُّ من غيره؛ إذ لا يلزم من تصفيد جميعهم ألَّا يقع شرٌّ ولا معصيةٌ؛ لأن لذلك أسبابًا غير الشياطين: كالنُّفوس الخبيثة، والعادات القبيحة، والشياطين الإِنْسِيَّة”[2].
وسُئل الشيخ ابن عثيمين في فتاوى الصيام[3]: “كيف يمكن التوفيق بين تصفيد الشياطين في رمضان ووقوع المعاصي من الناس؟”.
فأجاب: “المعاصي التي تقع في رمضان لا تُنافي ما ثبت من أن الشياطين تُصفد في رمضان؛ لأن تصفيدها لا يمنع من حركتها؛ ولذلك جاء في الحديث: وتُصَفَّد فيه الشياطين، فلا يَخْلُصون إلى ما يَخْلُصون إليه في غيره[4].
وليس المراد أن الشياطين لا تتحرك أبدًا، بل هي تتحرك، وتُضلُّ مَن تُضلُّ، ولكن عملها في رمضان ليس كعملها في غيره”.
والله أعلم.
المصدر: الإسلام سؤالٌ وجوابٌ.
- رواه البخاري (3277)، ومسلم (1079).
- فتح الباري” لابن حجر (4/ 114).
- “مجموع فتاوى ورسائل العثيمين” (20/ 76).
- رواه أحمد (7917)، والبيهقي في “شعب الإيمان” (3330)، وقال الألباني في “ضعيف الترغيب والترهيب” (586): “ضعيفٌ جدًّا”.