كانت تصوم قضاء رمضان بدون تبييت النية، فكانت تنوي في الصباح، فما يلزمها؟
السؤال:
صديقتي كانت كل عامٍ تقضي أيام رمضان التي أفطرتْها، ولكن كانت لا تُبَيِّت النية، يعني: كانت تنوي الصيام في الصباح، ولم تكن تعلم أنه يجب تبييت النية من الليل في صيام القضاء.
فما حكم هذا الصيام؟ وهل يجب عليها إعادته مع الكفارة أم ماذا؟
الجواب:
الحمد لله.
يجب تبييت النية لكل صومٍ واجبٍ، وهو قول جمهور العلماء؛ لقول النبي ﷺ: مَن لم يُجْمِع الصيام قبل الفجر فلا صيام له[1]، وفي لفظٍ للنسائي: مَن لم يُبَيِّت الصيام قبل الفجر فلا صيام له[2]، والحديث صححه الألباني في “صحيح أبي داود”.
قال الترمذي رحمه الله عقبه: “وإنما معنى هذا عند بعض أهل العلم: لا صيام لمَن لم يُجْمِع الصيام قبل طلوع الفجر في رمضان، أو في قضاء رمضان، أو في صيام نذرٍ، إذا لم ينوهِ من الليل لم يُجْزِهِ.
وأما صيام التَّطوع فمُباحٌ له أن ينويه بعدما أصبح، وهو قول الشافعي، وأحمد، وإسحاق”. انتهى[3].
قال ابن قدامة رحمه الله: “إن كان فرضًا: كصيام رمضان في أدائه أو قضائه، والنذر والكفارة؛ اشتُرط أن ينويه من الليل عند إمامنا، ومالك، والشافعي”، ثم استدلَّ بالحديث السابق. انتهى[4].
وقد خالف الإمام أبو حنيفة رحمه الله جمهور العلماء في ذلك، فأجاز بعض أنواع الصيام الواجب بنيةٍ من النهار، غير أنه وافقهم على أن قضاء رمضان لا يصح إلا بنيةٍ من الليل، بل نَقَلَ بعض علماء المذهب الحنفي الإجماع على ذلك، قال الكاساني الحنفي رحمه الله: “الأفضل في الصيامات كلها أن ينوي وقت طلوع الفجر إنْ أمكنه ذلك، أو من الليل … وإن نوى بعد طلوع الفجر فإنْ كان الصوم دَيْنًا لا يجوز بالإجماع”. انتهى[5].
وكان قد بَيَّن مُرادهم بصوم الدَّين بقوله: “وهو صوم القضاء والكفارات والنذور المُطلقة”. انتهى[6]. ويُنظر أيضًا “رد المحتار” لابن عابدين[7].
ويُنظر للفائدة جواب السؤال رقم (192428).
وبناءً على هذا، فصوم صديقتك لقضاء رمضان بنيةٍ من النهار لا يصحُّ عند عامَّة الأئمة، فعليها أن تُعيد صيام تلك الأيام، ولا كفارة عليها كما سبق بيانه في جواب السؤال رقم (26865).
وهذا الحكم بإعادة ما صامته إنما هو بالنسبة لقضاء السنة الأخيرة التي لا يزال وقتها باقيًا، وأما السنوات الماضية فقد اختار بعض العلماء -كشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله- أن مَن فعل عبادةً على وجهٍ خطأ، وكان جاهلًا، وخرج وقتها؛ أنه لا يلزمه إعادتها، وقد نقلنا كلامه في جواب السؤال رقم (150069). فإذا أخذتْ صديقتكِ بهذا القول فنرجو ألا يكون عليها حرجٌ.
والله أعلم.
المصدر: الإسلام سؤالٌ وجوابٌ.
- رواه أحمد (26457)، وأبو داود (2454)، والترمذي (730).
- رواه النسائي (2331).
- “سنن الترمذي” (3/ 99).
- “المغني” لابن قدامة (3/ 109).
- “بدائع الصنائع” (2/ 85).
- المصدر السابق.
- “رد المحتار” لابن عابدين (2/ 380).