الذكر الحكيم

رمضان والقرآن

محمد الخولي

قال الله تعالى: شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ [البقرة:185].

يقول الإمام ابن كثيرٍ رحمه الله: “يمدح تعالى شهر الصيام من بين سائر الشهور بأن اختاره من بينهن لإنزال القرآن العظيم فيه”[1].

فأول ما نزل جبريلُ عليه السلام على النبي صلى الله عليه وسلم كان في ليلة القدر، وهي ليلةٌ من ليالي شهر رمضان، يقول تعالى: إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ [القدر:1]، وقال تعالى: إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ [الدخان:3].

ذلك أنَّ القرآن قد نزل في هذه الليلة جملةً واحدةً من اللوح المحفوظ إلى بيت العِزَّة في السماء الدنيا، ثم أُنزل بعد ذلك إلى الأرض مُنَجَّمًا ومُفَرَّقًا بحسب الوقائع والحوادث، فعن ابن عباسٍ رضي الله عنهما قال: “أُنْزِل القرآن جملةً واحدةً إلى السماء الدنيا في ليلة القدر، ثم نزل بعد ذلك في عشرين سنة”[2].

ولم يختصَّ الله عزَّ وجلَّ ذلك الشهر بنزول القرآن فحسب، بل جعله موسمًا للعرض السنوي والمُدَارَسَة بين جبريل الأمين عليه السلام وخير المُرسلين محمدٍ صلى الله عليه وسلم؛ حيث كان يَعْرِض عليه القرآن كل عامٍ في رمضان، فعن ابن عباسٍ رضي الله عنهما قال: “كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل، وكان يلقاه في كل ليلةٍ من رمضان فَيُدَارسه القرآن ..”[3].

وعن داود بن أبي هند قال: “قلتُ للشعبي: شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ أَمَا كان ينزل في سائر الشهور؟ قال: بلى، ولكن جبرائيل كان يُعَارِض محمدًا صلى الله عليه وسلم في رمضان ما نزل إليه، فَيُحْكِم اللهُ ما يشاء، ويُثْبِت ما يشاء، ويُنْسِيه ما يشاء”[4].

المصدر: مركز تفسير للدراسات القرآنية.

  1. تفسير ابن كثير (1/ 501).
  2. تفسير ابن كثير (1/ 17).
  3. رواه البخاري (6).
  4. رواه البغوي في “تفسيره” (1/ 198).

مواد ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضا
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى