حلاوة الإيمان في شهر رمضان حلاوة لا يحسها، ولا يدرك كنهها إلا من ذاقها، وعرفها، وكما قيل: “من ذاق عرف” وهي حلاوة يغترف منها العقل، والجَنان، ويعترف بها اللسان، والأركان، قال تعالى: أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ [الزمر: 22]، وعنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: ذَاقَ طَعْمَ الإِيمَانِ مَنْ رَضِىَ بِاللَّهِ رَبًّا، وَبِالإِسْلاَمِ دِينًا، وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولًا[1].
وعَنْ أَنَسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: ثَلاَثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ حَلاَوَةَ الإِيمَانِ: أَنْ يَكُونَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا، وَأَنْ يُحِبَّ المَرْءَ لاَ يُحِبُّهُ إِلَّا لِلَّهِ، وَأَنْ يَكْرَهَ أَنْ يَعُودَ فِي الكُفْرِ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُقْذَفَ فِي النَّارِ[2].
ذكروا أن زوجًا غاضبًا على زوجته، قال لها متوعدًا: والله لأشُقِينَّك. فقالت الزوجة: إنك لا تستطيع أن تشقيني كما أنك لا تملك أن تسعدني، فقال لها: وكيف لا أستطيع؟ فقالت: لو كانت السعاة في مال؛ لقطعته عني، أو في زينة، أو حلي؛ لأخذته مني، ولكنها في شيءٍ لا تملكه أنت، ولا الناس أجمعون، فقال لها في دهشة: وما هو؟ فقالت: إني أجد سعادتي في إيماني، وإيماني في قلبي، وقلبي لا سلطان له عليه غير ربي!
إنها سعادة الإيمان بالله التي وجدها أحد المؤمنين، وصرَّح بها قائلًا: إننا نعيش في سعادة لو علم بها الملوك لجالدونا عليها بالسيوف[3]، وقال آخر: وهو في قمة السعادة الإيمانية التي ملأت عليه أقطار نفسه: إنه لتمر علي ساعات أقول فيها: لو كان أهل الجنة في مثل ما أنا فيه؛ لكانوا في عيش طيب[4]!
ولقد كان مجمع التيمي -رحمه الله- يصوم في الصيف حتى يسقط[5]، وكانت بعض الصالحات تتوخى أشد الأيام حرًّا، فتصومه، فيقــال لها في ذلك، فتقول: إن السعر إذا رخص؛ اشتراه كل أحد[6]. في إشارة إلى أنها لا تؤثر إلا العمل الذي لا يقدر عليه إلا قليل من الناس لشدته عليهم، وهذا من علو الهمة.
المصدر: صيد الفوائد (بتصرف).
- أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب ذاق طعم الإيمان من رضي بالله رباً برقم (34).
- أخرجه البخاري في كتاب الإيمان، باب حلاوة الإيمان برقم (16) ومسلم في الإيمان، باب بيان خصال من اتصف بهن وجد حلاوة الإيمان برقم (43).
- الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي – العلمية (ص: 51).
- الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي – العلمية (ص: 51).
- لطائف المعارف لابن رجب (ص: 322).
- لطائف المعارف لابن رجب (ص: 322).