جواز تقديم الزكاة للحاجة الشديدة
السؤال:
هل يجوزُ تقديمُ الزَّكاةِ لوجودِ الفقيرِ المحتاج، وهل يُزكَّى بنصابِ هذا الشَّهر أو بنصابِ ما يقدَّرُ مِن المالِ بعدَ أشهرٍ عندَ رأسِ الحول؟
الجواب:
الحمدُ للهِ، وصلَّى الله وسلَّمَ على نبيِّنا محمَّدٍ، أمَّا بعد:
فقد رَوى التّرمذيُّ والحاكمُ أنَّ العبَّاسَ -رضيَ اللهُ عنهُ- سألَ النَّبيَّ ﷺ في تَعجيلِ صَدقتِهِ قَبلَ أنْ تَحِلَّ، فَرخَّصَ لهُ في ذلكَ. قال أبو عيسى التّرمذيّ عقبَ إخراجه الحديث: “قالَ أكثرُ أهلِ العلمِ: إنْ عَجَّلها قبلَ محِلِّها أجزأتْ عنهُ، وبهِ يقولُ الشَّافعيُّ وأحمدُ وإسحاقُ” اهـ[1].
أقولُ: والذي ينبغي أنْ يكونَ تعجيلُ الزَّكاةِ عندما تدعو الحاجةُ إلى ذلكَ، وأنْ تكونَ الحاجةُ شديدةً؛ لأنَّ في تقديمها حرمانًا للفقراءِ الذين اعتادوا أخذها في وقتِ إخراجها؛ كرمضان، وأمَّا مسألةُ مراعاة النِّصابِ الحاضرِ والمستقبل: فاخترْ -أيُّها السَّائلُ- ما يناسبُ حالكَ؛ فإمَّا أنْ تُزكّي عن النِّصابِ الموجودِ فقط، أو عن النِّصاب المقدَّر، فمثلًا إذا كانَ لديكَ الآن مئةُ ألفٍ، وتتوقَّعُ أن يكونَ عندكَ وقتَ الوجوبِ مئةٌ وعشرون ألفًا، فلكَ أن تُزكّي عن المئةِ ألفٍ فقط، أو عن المئةِ والعشرين، والذي أرى أنَّه إذا كانتْ زكاةُ النِّصاب الموجود تكفي للحاجةِ المسؤول عنها: فلا داعيَ لتعجيلِ زكاة النِّصاب المستقبل. واللهُ أعلم.
أملاه:
عبدالرَّحمن بن ناصر البرَّاك
في 5 شعبان 1441 هـ
المصدر: موقع الشيخ عبدالرحمن بن ناصر البراك
- أخرجه الترمذي (678)، والحاكم (5431)، وأبو داود (1624) وغيرهم من طريق سعيد بن منصور حدثنا إسماعيل بن زكريا عن الحجاج بن دينار عن الحكم بن عتيبة عن حجية بن عدي عن علي أن العباس فذكره.وهذا إسناد رجاله رجال الشيخين؛ غير حجَيَّةَ -وهو ابن عَدِيٍّ-، والحجاج بن دينار؛ وقد وثِّقَا على اختلاف فيهما وقد اختلف في إسناده على الحكم على وجوه؛ قال أبو داود: “روى هذا الحديث: هُشَيْمٌ عن منصور بن زاذان عن الحكم عن الحسن بن مسلم عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ. وحديث هشيم أصح” وكذا رجحه الدارقطني في العلل (رقم 351)، وابن حجر في التلخيص ط أضواء السلف (3/1326-1328 رقم 1032، 1033).والحسن بن مسلم هو ابن يناق، تابعي ثقة فهو مرسل صحيح ولكن الحديث له شواهد ثلاث يرتقي بها إلى درجة الحسن على أقل الأحوال ذكرها الألباني في الإرواء (857) وقال ابن حجر: ” وليس ثبوت هذه القصة في تعجيل صدقة العباس ببعيد في النظر بمجموع هذه الطرق “. فتح الباري (3/334)،وينظر: بدائع الصنائع (2/50)، والمجموع شرح المهذب ط الإرشاد (6/112)، والمغني ط هجر (4/79).