الذكر الحكيم

تَعَرَّف على الرحمن من القرآن

إسماعيل بن عبدالرحمن الرسيني

يا قارئ كتاب الله، هنيئًا لك التَّعرُّف على الله عزَّ وجلَّ، فالقرآن مليءٌ بوصف الله بصفات الكمال والجمال، والتَّعريف بالربِّ الكريم.

اقرأ -مثلًا- أواخر سورة الحشر تجد ربًّا عظيمًا، أحدًا، مُنْفَرِدًا بصفات الكمال، خَالِقًا للعباد، مُنَزَّهًا عن النَّقائص، رحيمًا بخلقه، عليمًا بهم، قد دبَّر أمر الكون بانتظامٍ عجيبٍ، قال تعالى: هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ ۝ هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ ۝ هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ [الحشر:22- 24].

ثم تُقلِّب صفحاتٍ أخرى من الكتاب العظيم فترى ربًّا كريمًا، عَظُمَ نَوَاله، ونصر أولياءه، وأكرم أصفياءه.

ثم تطوف بقلبك وتفكيرك على مواضع العِزَّة والعظمة والانتقام، فتجد الله تعالى ينتقم من أعدائه فيُهلكهم، فتنظر مصارع القوم بقلبك.

فيا الله كيف حُرِمَ هاجر القرآن من هذه المعارف والكنوز التي يزداد بها لله تَقَرُّبًا، مُتَرَقِّيًا في سُلَّم العبودية والتَّسليم؟!

هنيئًا لك يا قارئ كلام الله مُرورك على الآيات الشرعية التي تكلَّمتْ على آيات الله الكونية، فترى العظمة الإلهية في الخَلْق والإيجاد، وترى قُدرة الله في تدبير الكون وتسييره بنظامٍ لا اختلال فيه، ولا اضطراب به، فترى عظمة خَلْق السماء بلا عمدٍ، وبَسْط الأرض والوَهْد.

ثم تتأمَّل في البحار والأنهار وسير الفلك، وترى الطيبات وتتعايش معها، وترى بِأُمِّ عينيك تسخير السَّحاب، وإنزال الغيث والقطر من السماء، وترى آيات ربِّك في النفس واختلاف الأَلْسُن والألوان في آياتٍ لا تنتهي، مما يدل على عظمة الله، ثم تقرأ بسكونٍ وخشوعٍ وخضوعٍ، مُتأمِّلًا، مُتَفَكِّرًا في قول الله: سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ۝ أَلَا إِنَّهُمْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقَاءِ رَبِّهِمْ أَلَا إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطٌ [فصلت:53- 54].

وأنت تتأمَّل في عظمة الله في خلقه لا يغيب عنك مشهد خضوع هذه المخلوقات، وأنت تقرأ قول ربك: أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ [الحج:18].

المصدر: موقع طريق الإسلام.

مواد ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضا
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى