نقطة الانطلاق: لا بد أن نوقن بأن الأمر كله لله وأن الكون كله بيد الله ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن.
أيها الأحبة: مر بنا عام ونحن ندافع البلاء ونتجرع مرارة الوباء ونعاني تبعاته على مختلف المستويات فماذا تعلمنا؟
إن كان كل ما تعلمناه لبس كمامة وتعقيمًا وكثرة غسيل وتباعدًا وعدم مخالطة، إلى غير ذلك من الاحترازات الحسية فهناك ممن لا يدين بديننا قد فاقنا في ذلك كثيرًا.
إن لم تزدنا هذه التجربة قربًا من الله ويقينًا به وتسليمًا لقضائه والسعي لمراجعة أحوالنا على المستوى الفردي والجماعي فنحن لم نستوعب الدرس!!
مَن منا تحسن حاله مع الصلاة (رجالًا ونساءً)؟!
مَن منا تحسن حاله مع كتاب الله تلاوةً وتدبرًا؟!
مَن منا لزم الأذكار والتحصينات الشرعية ورددها موقنًا بها؟!
مَن منا راقب الله واستشعر مسؤوليته تجاه أسرته فقام بها كما ينبغي؟!
مَن مِن نساء المسلمين لزمت حجابها الشرعي، أمام غير محارمها، وازدادت سترًا وحشمةً وتباعدًا عن الاختلاط بالرجال، من غير المحارم، والتزمت شرع الله بتربية أولادها على ما يرضي الله، وطاعة زوجها بالمعروف؟
مَن منا مَن حفظ جوارحه عما يغضب الله؟
مَن منا من كان مقصرًا في طاعته لله أو مجترئا على حرماته، فتاب واستدرك واستعتب؟
مَن منا مَن التفت إلى نوافل العبادات، من صلاة وصيام وصدقة وإحسان وما شابهها، واستحضر قول نبينا الكريم -صلوات ربي وسلامه عليه- عبادةٌ في الهرج كهجرةٍ إليّ[1].
مَن ومَن ومَن؟
الخلاصة: هي أن المؤمن لا بد أن يكون حي القلب، يتفكر في أقدار الله ويتوقف عندها ويوقن بأنها لا تجري عبثًا وأن الله إذا أراد أمرًا؛ هيأ أسبابه، فيسعى في صلاح نفسه طلبًا لنجاته، فصلاح الفرد أساس صلاح الأسرة، ومن ثم صلاح المجتمع وهنا يكون المجتمع أهلًا لرحمة الله ورضاه، قال تعالى: إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ[الرعد: 11].
ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ[الروم: 41].
وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ [الشورى: 30].
والدواء: وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ[النور: 31] وفي الأثر: “ما نزل بلاء إلا بذنب وما رفع إلا بتوبة”[2].
اللهم ردنا إليك ردًّا جميلا وألهمنا رشدنا وهيِّئ لنا من أمرنا رشدًا.
المصدر: شبكة الألوكة
- أخرجه مسلم (2948).
- نسبه ابن القيم لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه. انظر: الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي لابن القيم (74).