يا قارئ كلام الله، هنيئًا لك تذكير الله لك بيوم القيامة وأهواله، وعظائم الأمور من تغيُّر الكون وتبدُّله، وتصوير خروج الناس من قبورهم، وحشدهم إلى ربِّهم، وانقسام الخلائق إلى بَرٍّ وفاجرٍ، ومؤمنٍ وكافرٍ، ففريقٌ في الجنة، وفريقٌ في السَّعير؛ حتى يحصل الاستعداد المُناسب لذلك الموقف الرهيب، مُسْتَصْحِبًا أمر الله لك في كتابه: وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ [البقرة:281].
يا قارئ كلام الله، هنيئًا لك التَّفيُّؤ بظلال الجنة حين تَمُرُّ بآيات الجنة وأوصافها، فتراهم يَتَنَعَّمون فيها ويُكْرَمون، فيطوف عليهم الوِلْدَان المُخلَّدون، ويشربون من الكأس المعين، وتراهم على الأرائك مُتقابلين، وبالحور الحِسَان يَتَنَعَّمون، وبجوار سيد الخلق يُكْرَمون، ثم النَّعيم الذي لا يُبَارَى ولا يُوَازَى: رِضَا ربِّ العالمين، والتَّكرُّم والتَّشرُّف برؤيته، قال تعالى: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ [القيامة:22- 23]، فهذه من اللذات المُعجَّلة حين تطوف بآيات الجنان التي تُحفِّز للعمل الصالح.
فيا خسارة مَن هجر كلامَ ربِّه، وحَرَمَ نفسَه اللَّذة المُعجَّلة التي يشعر بها أهل القرآن -جعلني الله وإياكم منهم- قال تعالى عن أهل الإيمان: الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلَامٌ عَلَيْكُمُ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ [النحل:32].
يا قارئ كلام الله، تأمَّل وَعْظَ ربِّك، قال عزَّ وجلَّ: فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ [ق:45]، فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ [الجاثية:6]، فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ [الأعراف:185].
تأمَّل وَعْظَ ربِّك وتحذيره حين تمرُّ بآيات العذاب؛ فَتَفِرَّ من النار فِرَارَكَ من الأسد، ويخفّ داعي المعصية في قلبك؛ لاقترانك بكتاب ربِّك الذي حذَّرك، فيصح فيك قول الله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ [الأعراف:201].
المصدر: موقع طريق الإسلام.