ها هو الزمن يدور، والحياة تسير، والسفر إلى الله -عز وجل- طويل، والحساب أمام الله -عز وجل- شديد، وما مِن يومٍ ينشقُّ فجْره إلا ويُنادي منادٍ مِن قِبَل الله -عز وجل- -: يا بن آدم، أنا خلق جديد، وعلى عملك شهيد، فاغتنمني؛ فإنِّي إلى يوم القيامة لن أعود.
الله -عز وجل- رحيم بعباده، ومِن رحمته بهم: أن جعل لهم مواسم رحمة، مواسم طاعة، مواسم قُرب منه -جل وعلا- جعل الله لهم في أيام دهْرِهم نفحات، هذه النفحات تأتينا نفحة بعد نفحة، وقُربة بعد قربة، ونعمة بعد نعمة، وفُرصة بعد فرصة، لماذا؟
تُذَكِّرنا بالله إذا نسينا، وتُنَبِّهنا بالحقِّ إذا غفلنا، وتدفعنا للخير إذا فترنا، ومِن أعظم مواسم الخير، ومن أفضل مواسم الرحمة، ومن أحلى مواسم الطاعة: شهر رمضان شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ [البقرة: 185] لذلك كان النبيُّ ﷺ يدعو الله فيقول: اللهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي رَجَبٍ وَشَعْبَانَ، وَبَارِكْ لَنَا فِي رَمَضَانَ[1]، فرَض الله -عز وجل- الصيام على أمَّة الإسلام؛ تزْكية لنفوسهم، وتقوية لقُلُوبهم، وتطهيرًا لصدورهم، وإعلاء لشأنِهم، ومغفرة لذنوبهم؛ كي يشعروا بالفقير الجائع، والمسكين الضائع، واليتيم المكسور، والمعيل المقْهور، فتقوى عزائمهم، وتعلو هِمَمُهم، ويزداد إيمانهم، ويقتربوا من ربهم، فطوبى لِمَنْ جاءَه رمضان، فوَجَدَهُ جوادًا كريمًا، أطعم أفواهًا، وكسا أجسادًا، ورحم أيتامًا، وجعَل يده ممرًّا لعَطاء الله -عز وجل-.
هذه رحمات مِنْ ربِّكُم، فتعرَّضوا لها، هذه نفحات مِن ربِّكم، فعيشوها، وتنافسوها؛ لعلَّ أحدكم تُصيبه نفحة، فلا يشقَى بعدها أبدًا، يقول النبيُّ ﷺ: افعلوا الخير دهْركم، وتعرَّضوا لنفحات رحمة الله؛ فإنَّ لله نفحات مِنْ رحمته يُصيب بها مَن يشاء مِن عباده، وسَلُوا الله أن يسترَ عوراتكم، وأن يؤمن روعاتكم[2].
المصدر: شبكة الألوكة (بتصرف).
- أخرجه أحمد ط الرسالة برقم (2346) وقال محققو المسند: “إسناده ضعيف”.
- أخرجه الطبراني في الدعاء برقم (26) والمعجم الكبير برقم (720) وحسنه الألباني في السلسلة الصحيحة برقم (1890).