أحكام رمضانية

أفطرتْ في رمضان ولا تستطيع القضاء ولا الإطعام

السؤال:

كنتُ أعاني من وسواسٍ قهريٍّ، وأتناول أدويةً عصبيةً، فلم أستطع صيام رمضان، وسمح لي الطبيب بالإفطار، ولم أقضِ رمضان الأول هذا؛ لأني كنتُ أخضع لامتحان الشهادة الثانوية، ولم أعلم أنه يترتب عليه حكمٌ شرعيٌّ مختلفٌ، ودخل عليَّ رمضان الثاني وصُمْتُه بشكلٍ طبيعيٍّ، وأردتُ بعده أن أقضي رمضان الأول، لكني كنتُ كلما أردتُ الصيام يهبط ضغطي كثيرًا وأشعر بالإرهاق، ولم أستطع القضاء حتى مرَّ رمضان الثالث، وصُمْتُ منه خمسة أيامٍ، عانيتُ بسببها كثيرًا؛ فضغطي قد يصل إلى (80/ 30) أو أقلَّ، ولا أستطيع أن أنهض من سريري، وعانيتُ من الهبوط بسبب أيام الصيام هذه حوالي شهرٍ أو أكثر، وأخشى ألا أستطيع صيام رمضان القادم.

لا أملك مالًا لأُطعم به، ولا أملك مالًا لمُتابعة طبيبٍ للعلاج، أو معرفة سبب هذه المشكلة، فما الحكم الشرعي المُترتب على حالتي؟

الجواب:

الحمد لله.

اتَّفق الأئمة على أنه يجب على مَن أفطر أيامًا من رمضان أن يقضي تلك الأيام قبل مجيء رمضان التالي؛ واستدلوا على ذلك بما رواه البخاري ومسلمٌ عن عائشة رضي الله عنها قالت: “كان يكون عليَّ الصومُ من رمضان، فما أستطيع أنْ أَقْضِيَه إلا في شعبان؛ وذلك لمكان رسول الله ﷺ”[1].
قال الحافظ ابن حجر: “ويُؤخذ من حرصها على ذلك في شعبان: أنه لا يجوز تأخير القضاء حتى يدخل رمضان آخر” انتهى[2].
فإن أخَّر القضاء حتى دخل رمضان التالي فلا يخلو هذا التأخير من أحد أمرين: إما أن يكون لعذرٍ، أو لغير عذرٍ؛ فأما مَن أخَّر لعذرٍ فلا إثم عليه، ولا يلزمه سوى القضاء، وأما مَن أخَّر لغير عذرٍ فهو آثمٌ بتأخيره، وعليه القضاء قطعًا، ولكن هل يلزمه مع القضاء إطعامٌ أم لا؟

هذا محل خلافٍ بين أهل العلم، والراجح أنه لا يلزمه الإطعام، وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم (26865).

وعلى هذا؛ فعليكِ قضاءُ ما أفطرتِه من أيامٍ في رمضان في السنوات الماضية، وذلك إذا كنتِ تستطيعين الصيام، فإن تعذَّر عليكِ الصيام صيفًا وأمكن ذلك شتاءً؛ فإنكِ تصومين ما عليكِ من أيامٍ في الشتاء.
فإن تعذَّر عليكِ الصوم بسبب المرض، وكان هذا المرض مُستمرًّا معكِ بحيث لا يمكنكِ الصيام في المستقبل -حسب كلام طبيبٍ ثقةٍ- فإنه لا صيامَ عليكِ، وعليكِ أن تُطعمي عن كل يومٍ أفطرتِه مسكينًا، فإن لم يكن معكِ مالٌ سقطت الفدية -الإطعام- عنكِ، ولا يلزمكِ شيءٌ؛ لأن الله تعالى لا يُكلف نفسًا إلا وسعها.

والله أعلم.

المصدر: الإسلام سؤالٌ وجوابٌ.

  1. رواه البخاري (1950)، ومسلم (1146).
  2. “فتح الباري” (4/ 191).

مواد ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضا
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى