هيا بنـا نؤمن ساعة

أبشر أيها العاصي

إن من نعم الله تبارك وتعالى أنه يمن على عباده بالنعم والخيرات، والمواسم الطيبة التي تتضاعف فيها الدرجات وتغفر الزلات ويقل فيها داعي الشهوات والمنكرات، ويكثر فيها دواعي الطاعات وترغب النفوس لتشمير لها، ومن تلك المواسم شهر رمضان المبارك، وسمي بشهر رمضان لعدة معان منها: أن شهر رمضان ترمض فيه الذنوب وتحترق، قال القرطبي رحمه الله تعالى: “سمي رمضان لأنه يرمض الذنوب أي يحرقها بالأعمال الصالحة، من الإرماض وهو الإحراق، ومنه رمضت قدمه من الرمضاء أي احترقت، وأرمضتني الرمضاء أي أحرقتني، ومنه قيل: أرمضني الأمر، وقيل: لأن القلوب تأخذ فيه من حرارة الموعظة والفكرة في أمر الآخرة كما يأخذ الرمل والحجارة من حر الشمس”[1].

فأبشر أيها المقصِّر، وكلنا ذاك، أبشر فرمضان يحرق الذنوب بالأعمال الصالحة والتوبة إلى الله، أبشر فإن التائب من الذنب كمن لا ذنب له، أبشر بفرح الله سبحانه بتوبتك إليه وانقيادك له وإقلاعك من الذنوب والمعاصي، أبشر فإن الله سبحانه الغفور الرحيم، وأيضاً الغفار صيغة مبالغة أي كثير المغفرة سبحانه، وقد حث عباده على الاستغفار فقال سبحانه: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ [الزمر:53]، وقال كما في الحديث القدسي: يا عبادي إنكم تخطئون بالليل والنهار، وأنا أغفر الذنوب جميعا، فاستغفروني أغفر لكم[2].

فطوبى لمن اعترف لربه بتقصيره وطلب العفو والصفح، وألح على ربه وجعل رمضان بداية صفحة جديدة مع ربه وخالقه.

أبشر أخي العزيز فإن النبي ﷺ قال: إذا دخل رمضان فتحت أبواب الجنة، وغلقت أبواب جهنم وسلسلت الشياطين[3].

أبشر فإن الله سبحانه يغفر الذنوب جميعاً فلا يأس ولا قنوط.

أبشر فإن الله أفرح بتوبة عبده من أحدكم، سقط على بعيره، وقد أضله في أرض فلاة[4].

أبشر فإن النبي ﷺ يقول: الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان، مكفرات ما بينهن إذا اجتنب الكبائر[5].

وفقنا الله وإياكم للتوبة النصوح، وغفر لنا ولكم، وجعل رمضان مرتحلاً بذنوبنا، والحمد لله رب العالمين.

  1. تفسير القرطبي (2/ 291).
  2. أخرجه مسلم، برقم (2577).
  3. أخرجه البخاري، برقم (3277).
  4. أخرجه البخاري، برقم (6309)، ومسلم، برقم (2747).
  5. أخرجه مسلم، برقم (233).

مواد ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضا
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى